الحاكم له من تلقاء نفسه لا يسقط حق المدعي حتى مع الإيمان بمفهوم الشرط، بناء على أن مفهوم الشرط يختص بحرف الشرط، ولا يأتي في أسماء الشرط من قبيل (إذا).
نعم الحديث الثاني لا يرد عليه هذا الإشكال بعد فرض الإيمان بمفهوم الشرط في حرف الشرط، إذ جاء فيه حرف (إن) لا كلمة (إذا)، بل قد يقال: لا حاجة فيه إلى مفهوم الشرط أصلا، لأنه صرح بالمفهوم بقوله: " وإن تركه ولم يستحلفه فهو على حقه "، فهذا يعني حصر ما يسقط الحق في استحلاف المدعي، ولكن هذا الحديث ساقط سندا.
وأما الحديث الثالث فإضافة إلى سقوطه سندا، إنما دل على حكم في فرض فرضه السائل، وهو فرض استحلاف المدعي، ولم يرد في كلام الإمام ربط الحكم بفرض استحلاف المدعي حتى تفرض دلالته بالمفهوم - مثلا - على انتفاء الحكم عندما يكون الاستحلاف من قبل الحاكم.
وبالإمكان دفع الإشكال عن الاستدلال بالحديث الأول بأحد وجهين:
الأول - ضم هذا الحديث إلى ما ورد - بسند تام - عن أبي بكر، قال: " قلت له: رجل لي عليه دراهم، فجحدني وحلف عليها، أيجوز لي إن وقع له قبلي دراهم أن آخذ منه بقدر حقي؟ قال: فقال: نعم، ولكن لهذا كلام. قلت: وما هو؟ قال: تقول:
اللهم إني لا آخذه ظلما ولا خيانة، وإنما أخذته مكان مالي الذي أخذ مني لم أزدد عليه شيئا " (1). فإذا قيد إطلاق هذا الحديث بمنطوق حديث ابن أبي يعفور الوارد في استحلاف المدعي، كانت النتيجة أن الذي يسقط حق المدعي إنما هو استحلافه للمنكر دون حلف المنكر عن غير طريق استحلاف المدعي إياه، ولو كان بتحليف