التصرف القانوني المدني وعدم التحديد في غيره ببعض النكات نقلا عن الدكتور عبد الرزاق السنهوري، فراجع.
والثانية - أن البينة في مورد نفوذها - سواء كان نفوذها لأجل كون القيمة لا تزيد على المبلغ المحدد، أو لكون نفوذها غير مشروط بمبلغ محدد، كما في الواقعة القانونية أو التصرف القانوني التجاري - يترك أمر الاقتناع بها وعدمه إلى القاضي، فهو الذي يقدر قيمة البينة وأنها مقنعة أو غير مقنعة.
كل هذه التحفظات تجاه البينة - وجعل الأولوية في الإثبات للكتابة - نشأت من دقة الكتابة وضبطها وقوتها، وضعف البينة واحتمال الخيانة أو الخطأ فيها.
ويعتقد أن الصدارة في الإثبات إنما كانت قديما للبينة باعتبار انتشار الأمية وعدم تعارف الكتابة، فإذا ما انتشرت الكتابة وسهلت على الناس تقلصت قيمة البينة.
وبلحاظ التحفظ الأول جاء في الوسيط ما خلاصته: أنه أوجب في القانون الفرنسي في سنة (1566) تدوين المعاملات التي تزيد قيمتها على مائة جنيه فرنسي، نظرا للشكوى التي ترددت من عيوب الإثبات بالشهادة، وكانت تساوي المائة جنيه نحوا من ألفين من الفرنكات، وبعد ردح من الزمن نزل نصاب البينة إلى مائة وخمسين فرنكا، نظرا لزيادة انتشار الكتابة، ثم نقصت قيمة الفرنك، فرفع نصاب البينة إلى خمسمائة فرنك، ثم هبطت قيمة الفرنك بعد ذلك هبوطا جسميا، فرفع النصاب مرة أخرى إلى خمسة آلاف من الفرنكات. وفي مصر قرر نصاب البينة منذ التقنين المدني السابق بعشرة جنيهات، ولم يتغير هذا النصاب في التقنين الجديد وإن كانت قيمة العملة قد نزلت نزولا كبيرا للمعادلة ما بين هذا النزول الكبير وزيادة انتشار الكتابة (1).