المستحيل أن يتبدل وضع مصب الشهادتين في النفس من التعدد إلى التوحد بحذف مورد الخلاف عن اللفظ، ولا قيمة للشهادة اللفظية عدا ما لها من كشف عن مفاد الشهادة في النفس، فإن كان الخلاف الموجود غير مضر بوحدة الشهادتين، كما هو الحال في بعض الموارد - كما شرحناه - فلا ضير في اشتمال اللفظ عليه، وإن كان مضرا بها فحذف الخلاف من اللفظ ليس له أثر عدا أن الحاكم قد ينخدع ويتخيل وحدة الشهادتين، فيقضي وفق ما فهمه من اللفظ.
وأما الروايات فهي تماما ضعيفة السند - ثم إنها لا تدل على المدعى في المقام، وهي كما يلي:
1 - عن داود بن الحصين قال: " سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إذا أشهدت على شهادة فأردت أن تقيمها فغيرها كيف شئت، ورتبها وصححها بما استطعت حتى يصح الشئ لصاحب الحق بعد أن لا تكون تشهد إلا بحقه، ولا تزيد في نفس الحق ما ليس بحق، فإنما الشاهد يبطل الحق، ويحق الحق، وبالشاهد يوجب الحق، وبالشاهد يعطى، وإن للشاهد في إقامة الشهادة - بتصحيحها بكل ما يجد إليه السبيل من زيادة الألفاظ والمعاني والتفسير في الشهادة ما به يثبت الحق ويصححه ولا يؤخذ به زيادة على الحق - مثل أجر الصائم القائم المجاهد بسيفه في سبيل الله " (1).
وقوله: " بكل ما يجد إليه السبيل من زيادة الألفاظ والمعاني والتفسير في الشهادة " يدل على النظر إلى التغيير الحقيقي للشهادة أمام الحاكم الجائر ما دامت النتيجة هي وصول الحق إلى ذي الحق، وذلك عندما يكون هذا الحاكم غير مستعد لتنفيذ الشهادة إذا أداها بوجهها الحقيقي، وهذا أجنبي عن ما نحن فيه من تغيير