2 - روايات: " إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان "، و " البينة على المدعي واليمين على من أنكر ". وقد مضى فيما سبق: أن هذه الروايات لا إطلاق حكمي لها، فالتعبير الأول ناظر إلى حصر وسائل الإثبات في القضاء بالبينة واليمين، أما متى يرجع إلى البينة ومتى يرجع إلى اليمين؟ فهذا خارج عن عهدته، والتعبير الثاني ناظر إلى تشخيص من عليه البينة ومن عليه اليمين، أما ما هي شرائط البينة أو اليمين؟ فهذا خارج عن عهدته. نعم يتم فيهما الإطلاق المقامي حينما تكون حجية بينة ما ارتكازية، أو يكون المرتكز عدم الفرق بين بينة وبينة، فيكون التفصيل خلاف الارتكاز العقلائي، وفيما نحن فيه الفرق بين بينة معلومة بالحس وبينة معلومة بالحدس أمر معقول في نظر العقلاء، وارتكاز حجية البينة إذا علمت بالحدس غير واضح، إذن لا يتم الإطلاق في المقام.
أما الأدلة اللبية كالإجماع والضرورة الفقهية والارتكاز، فشمولها للبينة المعلومة بالحدس أيضا غير معلوم.
إذن لا دليل على حجية البينة المعلومة للقاضي بالعلم الحدسي.
وأما وجود المقيد - لو تم الإطلاق - فيجب الرجوع فيه إلى أدلة عدم حجية العلم الحدسي للقاضي، لكي نرى هل تشمل ما نحن فيه أو لا؟
فإن كان الدليل على ذلك التعدي من روايات عدم نفوذ الشهادة الحدسية، فكما يتعدى من ذلك إلى العلم الحدسي للقاضي بالواقعة كذلك يتعدى إلى العلم الحدسي له بالبينة.
وإن كان الدليل على ذلك عدم ذكر العلم الحدسي للقاضي بالواقعة في روايات مقاييس القضاء كما ذكرت البينة واليمين، فالتعدي إلى العلم الحدسي للقاضي بالبينة يتوقف على دعوى الأولوية القطعية.
وإن كان الدليل على ذلك روايات حصر القضاء بالبينات والأيمان بأن يقال: