كان لا يجيز شهادة رجل على رجل إلا شهادة رجلين على رجل، أو كان لا يجيز شهادة رجل على شهادة رجل، إلا شهادة رجلين على شهادة رجل، بدعوى أن إطلاقهما في قبول شهادة رجلين على شهادة رجل يشمل فرض إمكان حضور الأصل.
ولكن هذا الإطلاق - كما ترى - غير تام:
أما أولا - فلأن الظاهر من الحديثين هو أن التركيز فيهما بالأصالة إنما هو على العقد السلبي، وهو عدم كفاية شهادة واحد على الشهادة. أما ما هي شروط العقد الإيجابي، وهو نفوذ شهادة رجلين على الشهادة؟ فليس منظورا في الكلام كي يتم الإطلاق.
وأما ثانيا - فلأن الحديثين إنما وردا بلسان نقل فعل علي (عليه السلام) من أنه كان يعتمد على شهادة رجلين على الشهادة، ويكفي في مقام صدق النقل قبول شهادتهما في الجملة سنخ نقل قضية في واقعة، فلا إطلاق لذلك. ولكن لولا الإشكال الأول، لعله كان بالإمكان الجواب على هذا الإشكال بأن الإمام الصادق (عليه السلام) في نقله لقصة علي (عليه السلام) إنما هو بصدد إبراز الحكم الشرعي لا مجرد سرد قصة، فيجري فيه الإطلاق بملاك ترك التفصيل.
2 - الارتكاز العقلائي الدال على نفوذ البينة في إحقاق الحقوق بين الناس بشكل مطلق، وذلك بدعوى أن رواية محمد بن مسلم - لو تمت سندا - كانت ردعا عن هذا الارتكاز بالنسبة لشهادة الفرع مع إمكان حضور الأصل، ولكن بما أنها لم تتم سندا، إذن فهذا الارتكاز غير مردوع عنه في المقام، وبذلك يثبت إمضاؤه.
والجواب: أنه لو شمل الارتكاز نفوذ بينة الفرع مع إمكان حضور الأصل، فضعف سند رواية محمد بن مسلم وعدمه لا يؤثران في الأخذ بهذا الارتكاز وعدمه، فإن المسألة لو كانت عامة البلوى - بحيث لم نكن نحتمل ورود الردع عن