الشاهدين، كما لو شهد أحدهما على أنه باع هذه الدار في الساعة الفلانية بألف دينار، وشهد الآخر على أنه باعها في نفس الساعة بألف درهم. وهنا لا ينبغي الإشكال في عدم نفوذ البينة حتى لو غض النظر عما سيأتي - إن شاء الله - في الفرض الرابع، وذلك لأن التكاذب بين الشاهدين وإن كان على الخصوصية وليس على الجامع، ولكن بما أن الشهادة بالجامع إنما هي شهادة به في ضمن الحصة، ولم تكن الخصوصية المختلف فيها من المقارنات البحتة. فهنا لا إشكال في أن الشهادة بالجامع تضعف داخليا، أي أن البينة ضعفت نفسها بنفسها، فهنا إما أن نقول: إن إطلاق دليل حجية البينة منصرف بمناسبات الحكم والموضوع عن مثل هذا الفرض، أو نقول: إن دليل حجية البينة - على ما مضى منا سابقا - لم يتم له إطلاق إلا بحدود الارتكاز العقلائي، ولم يثبت ارتكاز عقلائي على الحجية عند وجود تكاذب من هذا القبيل بينهما.
الرابع - أن تكون الخصوصية محصصة للقدر المشترك، ويكون الجامع بحده الجامعي ذا أثر، ولا يكون التحصيص مؤديا إلى التكاذب، كما لو شهد أحدهما بأنه أتلف دينارا من أموال زيد، والآخر بأنه أتلف عشرة دراهم من تلك الأموال، واحتملنا صدقهما معا بأن يكون قد أتلف دينارا وعشرة دارهم، فهنا لا يرد شئ من الإشكالين السابقين - من عدم الأثر أو التكاذب - كما هو واضح، ولكن مع ذلك لا ينبغي الإشكال في عدم نفوذ هذه البينة، وذلك لأن شهادة كل منهما على الجامع لم تكن شهادة عليه بحده الجامعي، بل كانت شهادة عليه في ضمن الحصة.
وهذا لا يحقق وحدة مفاد الشهادتين بالمعنى المأخوذ عرفا ومتشرعيا في مفهوم كلمة البينة، هذا مضافا إلى ما عرفت من أن الإطلاق في أدلة حجية البينة لم يتم بأكثر مما يثبت بالارتكاز، ولا ارتكاز، ولا ارتكاز على حجية مثل هذه البينة.
ولعل السر في عدم استقرار ارتكاز العقلاء على حجية مثل هذا - وعدم