الثالث من الحديث الشريف، فإنه مشتمل على مقاطع ثلاثة: أولها ما مضى، والثاني والثالث ما يلي:
... وذكر أن عليا (عليه السلام) أتاه قوم يختصمون في بغلة، فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم (1) ولم يبيعوا، ولم يهبوا، وقامت البينة لهؤلاء بمثل ذلك، فقضى علي (عليه السلام) بها لأكثرهم بينة واستحلفهم.
قال: " فسألته - حينئذ - فقلت: أرأيت إن كان الذي عليه الدار قال: إن أبا هذا الذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الذي هو فيها بينة، إلا أنه ورثها عن أبيه قال: إذا كان الأمر هكذا فهي للذي ادعاها، وأقام البينة عليها " نعم، المقطع الثالث إنما جاء في نقل الكليني والشيخ، أما الصدوق (رحمه الله) فقد ترك المقطع الثالث، واقتصر على المقطع الأول والثاني مقدما الثاني على الأول: وعلى أي حال، فهذا لا يضر، فإن عدم نقل الصدوق - أو راو آخر قبله - للمقطع الثالث ليس شهادة على عدمه، إذ ليس من الواضح فهم قرينية لهذا المقطع تبدل ما يفهم من المقاطع السابقة كي يكشف تركه عن خطأ منفي بالأصل أو عن الخيانة المنفية بفرض الوثاقة، فإذا لم يكن تركه شهادة على عدمه، كفانا وجوده في نقل الكليني والشيخ.
على أنك قد عرفت أنه حتى لو غض النظر عن هذا المقطع فالظاهر أنه لا محيص عن حمل الحديث على المعنى الذي شرحناه، على أن نقل الصدوق (رحمه الله) ساقط عن الحجية، فإنه قد نقل الحديث عن شعيب عن أبي بصير، ولم يعرف سنده إلى شعيب.
الرواية الثالثة - ما عن معاوية بن وهب - بسند تام - قال: " قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) الرجل يكون له العبد والأمة قد عرف ذلك فيقول: أبق غلامي، أو أمتي، فيكلفونه القضاة شاهدين بأن هذا غلامه، أو أمته لم يبع، ولم يهب، أنشهد على