تعارض ما دل على عدم وجوب أداء الشهادة بالتباين، ولا معنى لحملها على فرض معين وحمل معارضها على الفرض الآخر، ولكن الرواية المفصلة - أعني المشتملة على ما مضى من الاستثناء - قد تصلح شاهد جمع بين الروايتين المتعارضتين.
وعلى أي حال فهذه الرواية - لو لم يتم الجمع بهذا الوجه - لا تصلح لمعارضة ما دل على عدم وجوب أداء الشهادة، فقوله في هذه الرواية: (يشهد) إما أن يحمل على الحكم الوضعي، وهو نفوذ الشهادة، وعندئذ لا تعارض بينه وبين ما دل على عدم وجوب أداء الشهادة، أو يحمل على الحكم التكليفي، وهو الأمر بأداء الشهادة، وعندئذ يحمل على الاستحباب كما هو الشأن في كل أمر عارض الترخيص.
كل هذا بعد فرض تمامية سند هذه الرواية، والذي يهون الخطب أن سندها ضعيف بأحمد بن يزيد.
وهناك حديث آخر قد يدل على وجوب أداء الشهادة رغم عدم الإشهاد بمعنى طلب التحمل، وهو ما رواه الصدوق بإسناده إلى علي بن أحمد بن أشيم قال:
" سألت أبا الحسن عن رجل طهرت امرأته من حيضها، فقال: (فلانة طالق) وقوم يسمعون كلامه، لم يقل لهم: (اشهدوا) أيقع الطلاق عليها؟ قال نعم، هذه شهادة، أفيتركها معلقة؟! " (1) بناء على الملازمة بين كفاية ذلك في الإشهاد على الطلاق ووجوب أداء الشهادة - عند الطلب - المستفادة من قوله - تعالى -: * (وأشهدوا ذوي عدل منكم، وأقيموا الشهادة لله) * (2).
وتوضيح المقصود: أن الإشهاد في الآية الكريمة إما أن يقصد به طلب تحمل الشهادة، أو يقصد به مجرد إيقاع الطلاق أمام الشاهد. وهذه الرواية تدل على أن