حمل هذا الحديث بصريح كلامه عقيب نقله لهذا الحديث مباشرة على شهادة العبد لغير سيده، وهذا يعني أن الشيخ الصدوق (رحمه الله) يفصل بين شهادة العبد لسيده وشهادته لغير سيده بحجية شهادته في الثاني دون الأول، وهذا الحمل غير معقول لو كانت النسخة عبارة عن كلمة (لا يجوز)، ولا يحتمل فقهيا العكس، بأن تكون شهادة العبد لمولاه نافذة، ولغير مولاه غير نافذة كي يكون هذا الاحتمال منسجما مع نسخة (لا يجوز)، ويحمل كلام الصدوق على هذا المعنى.
ولو احتمل أحد ذلك قلنا: إن هذا لم يكن مقصودا للشيخ الصدوق (رحمه الله) حتما بدليل أنه روى الشيخ الصدوق (رحمه الله) بعد هذا الحديث بعدة أحاديث حديثا عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه عن آبائه عن علي (عليهم السلام) أن شهادة الصبيان إذا شهدوا وهم صغار جازت إذا كبروا ما لم ينسوها، وكذلك اليهود والنصارى إذا أسلموا جازت شهادتهم، والعبد إذا شهد على شهادة ثم أعتق جازت شهادته إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق، وقال (عليه السلام): إن أعتق العبد لموضوع الشهادة لم تجز شهادته (1). ثم ذكر (رحمه الله) بعد نقله لهذا الحديث مباشرة ما نصه:
" قال مصنف هذا الكتاب (رحمه الله): أما قوله (عليه السلام): (إذا لم يردها الحاكم قبل أن يعتق) فإنه يعني به أن يردها لفسق ظاهر، أو حال يجرح عدالته، لا لأنه عبد، لأن شهادة العبد جائزة، وأول من رد شهادة المملوك عمر. وأما قوله (عليه السلام): (إن أعتق العبد لموضوع الشهادة لم تجز شهادته) كأنه يعني إذا كان شاهدا لسيده، فأما إذا كان شاهدا لغير سيده جازت شهادته - عبدا كان أو معتقا - إذا كان عدلا ".
وعلى أي حال فبناء على ما نستظهره من أن الصدوق (رحمه الله) إنما ينقل نسخة (يجوز) دون نسخة (لا يجوز) يقع الكلام في أنه بعد فرض كون النقلين في التهذيب