وأما الدعوى الثالثة - بناء على تماميتها في نفسها - فهي لا تتم في المقام، حتى مع فرض كون الخاص قدرا متيقنا مما لم يتم الإطلاق فيه، فإن القرينية لا تتم بمجرد كونه قدرا متيقنا، وإنما قوام القرينية يكون بذكر العنوان الخاص، اللهم إلا في رواية جاء فيها تعبير يكون في قوة التصريح بالعنوان الخاص، كما قد يقال بذلك فيما مضى من الرواية الثامنة من روايات المنع بناء على أن قوله: " وإن أعتق لموضع الشهادة لم تجز شهادته " في قوة التصريح بفرض كون الشهادة لمولاه.
الوجه الثاني - أن يقال: إن روايات نفوذ شهادة المملوك لم تدل أساسا على نفوذ شهادته لمولاه، وذلك لأحتمال عدم نفوذ شهادته لمولاه بملاك فقدان شرط آخر، وهو عدم التهمة، ودليل نفوذ شهادة المملوك ليس له نظر إلى نفي الشرائط الأخرى، ولذا لا يعد شرط العدالة مثلا تقييدا لإطلاق أدلة نفوذ شهادة المملوك، فإذا كانت روايات نفوذ الشهادة لا إطلاق لها للشهادة لمولاه، وروايات عدم نفوذ الشهادة لا إطلاق لها للشهادة لغير مولاه، فقد ارتفع التعارض لا محالة.
إلا أن كلا هذين الوجهين لا يتمان في تمام روايات المنع، إذ أن بعض روايات المنع قد تم إطلاقه، كما يظهر بمراجعة الروايات الماضية، ويكون حمله على الشهادة لمولاه حملا تبرعيا، بل بعضها لا يقبل هذا الحمل كالحديث الحادي عشر، إن لم نقل بوجود قرينة داخلية فيه للحمل على التقية. وعلى أي حال، فبعد إفلاس الجمع العرفي في المقام - ولو بلحاظ بعض الروايات - تصل النوبة إلى الترجيح، ويطبق في المقام المرجحان الرئيسيان في باب التعادل والتراجيح لصالح روايات نفوذ شهادة المملوك.
المرجح الأول - هو موافقة الكتاب: فروايات نفوذ شهادة المملوك توافق إطلاق الكتاب، وروايات عدم نفوذها تخالف إطلاق الكتاب كقوله - تعالى -: