العلم في الجملة لظهورها في الفراغ عن صحة القضاء بما رأى وشهد، وهذا يعنى نفوذ العلم ولو خصوص الحسي منه حتى في غير النبي بناء على تعدي العرف في العلم المحسوس بالحس المتعارف من النبي إلى غيره.
2 - ما جاء عن أمير المؤمنين (عليه السلام) بسند غير تام: " أحكام المسلمين على ثلاثة: شهادة عادلة، أو يمين قاطعة، أو سنة ماضية من أئمة الهدى " (1). وقد يناقش في الدلالة بإبداء احتمال كون علم القاضي - خصوصا لو كان عن حس أو ما يقرب منه - داخلا في قوله: " شهادة عادلة ".
3 - ما جاء بسند تام عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان، وبعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيما رجل قطعت له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له به قطعة من النار " (2).
فيقال: إن حصر القضاء بالبينة والأيمان دليل على عدم جواز القضاء بالعلم، وحمله على الحصر الإضافي أي بالإضافة إلى الأدلة غير العلمية، أو بالإضافة إلى القضاء بالواقع اعتمادا على العلم الإلهي الذي جاء في بعض الروايات أنه سيقضي به القائم عجل الله فرجه (3) بلا سؤال بينة ويمين خلاف الإطلاق.
والصحيح أن هذا الحديث لو دل على عدم نفوذ علم القاضي فإنما يدل على عدم نفوذ علمه الحدسي لا الحسي، وذلك لأن وضوح أن البينة واليمين إنما ينفعان القاضي بواسطة علمه الحسي بهما - على أشد تقدير - لا يبقي للكلام ظهورا في إلغاء العلم الحسي للقاضي، فإن كون علم رسول الله (صلى الله عليه وآله) الحسي نافذا عند تعلقه بالبينة