الروايات التي جعلت الأربعة شهود حدا لثبوت الزنا من قبيل ما عن الحلبي بسند تام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " حد الرجم أن يشهد أربع أنهم رأوه يدخل ويخرج " (1) ونحوه غيره من الروايات (2). ولكن لئن قال قائل في مثل هذه الرواية من الإطلاقات: إنها منصرفة عن فرض العلم، فدعوى هذا الانصراف لا تتأتى في رواية داود بن فرقد، لأنه جعل الحد هو الأربعة شهود في مقابل العلم، وهذا يوجب استحكام الإطلاق وعدم ثبوت الانصراف. نعم مورد الحديث هو علم الزوج لا علم القاضي، ولكن المورد لا يخصص الوارد.
والجواب: أن إجراء الحد هو شأن القاضي يجريه بعد ثبوت الأربعة شهود، وليس شأن الزوج، وغاية ما هنا أن يكون الزوج واحدا من الشهود، ولم يذكر في الحديث كون الأربعة شهود حدا في مقابل علم القاضي، بل الإطلاق أيضا غير وارد في هذا الحديث، إذ لم يذكر مثلا: (أن حد ثبوت الزنا هو الأربعة شهود)، وإنما ذكر:
(أن الله جعل لكل شئ حدا)، ولعل علم القاضي هو أحد الحدود.
وأما التمسك بإطلاقات مثل ما مضى من حديث الحلبي فقد يقول القائل بشأنه: إن مقتضى المناسبات العرفية هو احتمال أن يكون المقصود هو أن حد ثبوت الزنا - إن لم يكن متيقنا - هو الأربعة شهود، أما إذا كان القاضي يعلم به فلا دلالة لهذه الإطلاقات على عدم نفوذ العلم.
وقد يقال في مقابل ذلك: إن الأمر على العكس، فلهذا الحديث وأمثاله إطلاق قوي ناف لنفوذ علم القاضي، لأن المتعارف في شهادة ثلاثة من العدول - إن كانت عدالتهم ثابتة باليقين لا بمجرد ظاهر الحال - هو حصول العلم بالصدق،