الله (عليه السلام) قال: " في كتاب علي (عليه السلام) أن نبيا من الأنبياء شكى إلى ربه، فقال: يا رب كيف أقضي فيما لم أر ولم أشهد؟، قال: فأوحى الله إليه: احكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي فحلفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بينة " (1)، إذ يمكن الاستدلال بهذا الحديث على نفوذ علم القاضي الناشئ من الحس كما سنشير إليه بعد صفحات.
الدليل الرابع عشر - ما ورد من قضاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بكون الابن للمرأة التي كان لبنها أثقل من لبن الأخرى والبنت للأخرى، والحديث وارد ضمن متن لطيف لم نعرف سنده في ذكر قصة وقعت في زمان عمر بن الخطاب، ووارد بسند تام ضمن متن آخر في قصة وقعت على عهد علي (عليه السلام)، والأول مذكور في سفينة البحار (2) والثاني مذكور في الوسائل (3).
ولو ساعد العلم والتجربة على ذلك كي لا يسقط الحديث بالقطع بكذبه كان العلم في مورد الحديث (بعد الفراغ عن قاعدة أثقلية لبن الولد بأخذها من الإمام المعصوم (عليه السلام)) علما حسيا عاما يستطيع كل أحد أن يعرفه بالتجربة غير خاص بالقاضي، وفي مثل هذا الفرض لا يرد عرفا احتمال اختصاص الحكم بعلم الإمام، إذن فالحديث يدل على نفوذ علم القاضي حينما يكون حسيا وعاما، ولا يدل على أكثر من ذلك. وقد مضى في وجه سابق أن هذا في قوة عدم الدلالة على نفوذ علم القاضي، وإن شئت قلت: إن كل دليل دل على نفوذ علم المعصوم من قبيل ما مضى من قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) للأعرابي أو غيره من الروايات نحن نجعله دليلا على نفوذ علم كل قاض إذا كان علما حسيا أو قريبا من الحس وكان عاما - أي بإمكان