سندا للتعدي من حقوق الله إلى مرافعات الناس لاحتمال الفرق - بأن مناسبات الحكم والموضوع العرفية توحي باحتمال كون " لو الامتناعية " الواردة على الرجم بغير بينة ناظرة إلى الرجم بالعلم الناشئ عن غير الحس أو ما يقرب من الحس - وأعني بما يقرب من الحس ما يشترك فيه عامة الناس لو اطلعوا على المدرك - فلا تدل الرواية على عدم نفوذ العلم على الإطلاق، أي حتى الناشئ من الحس أو ما يقرب منه، وليس هذا حصرا كاملا بتمام معنى الكلمة، ألا ترى أنه لا يفهم منه عرفا عدم نفوذ الإقرار مثلا.
الثالث - روايات حصر القضاء بالبينات والأيمان، وعمدتها ما يلي:
1 - ما ورد بسند تام عن سليمان بن خالد - وقد روى عنه الأزدي والبجلي - عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: " في كتاب علي (عليه السلام) أن نبيا من الأنبياء شكى إلى ربه فقال: يا رب كيف أقضي فيما لم أر ولم أشهد؟، قال: فأوحى الله إليه: احكم بينهم بكتابي وأضفهم إلى اسمي فحلفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بينة " (1). وبمضمونه غيره (2) مما هو غير تام سندا، وهذا يدل بالإطلاق على حصر مقياس القضاء بالبينة واليمين.
وهذا لو تم فإنما يتم دليلا على عدم نفوذ العلم غير الناشئ من الحس أو ما يقرب منه، وذلك لما جاء فيه من كلمة: (لم أر ولم أشهد) على أنه قد يقال: إن من المحتمل عرفا كون هذه الكلمة ذكرا لمصداق من مصاديق العلم، فلا تدل الرواية على عدم نفوذ العلم أصلا، وإنما تدل على حصر مقياس القضاء بالبينة واليمين في فرض عدم العلم، فهذه الرواية غير دالة على عدم نفوذ العلم، بل هي دالة على نفوذ