هذا، ورغم الإجمال قد يصلح دليلا لما قد ينسب إلى البعض من القول بالتفصيل بنفوذ العلم في حقوق الله دون حقوق الناس، وذلك بناء على إثبات كون القاعدة الأولية عدم نفوذ العلم في باب القضاء خرج منه العلم في حقوق الله بهذا الحديث. وقد يتعدى منه إلى حقوق الناس بالأولوية بدعوى أن حقوق الله مبنية على المسامحة والعفو، بخلاف حقوق الناس، وهذه الدعوى في ذاتها قد تكون دليلا للتفصيل العكسي الذي قد ينسب إلى البعض.
والواقع أن كلا التفصيلين لا أساس صحيح لهما، فهذا الأخير لا يعدو أن يكون استحسانا، والحديث قد عرفت عدم تماميته سندا.
وقد يقال: إن هذه الرواية إنما دلت على نفوذ علم الإمام، إذ تقول: " الواجب على الإمام... "، ولم تدل على نفوذ علم القاضي مطلقا، ولذا ذكرها صاحب الجواهر (رحمه الله) في عداد أدلة نفوذ علم الإمام في القضاء لا في عداد أدلة نفوذ علم القاضي على الإطلاق، وهذا الكلام مبني على حمل كلمة (الإمام) على الإمام المعصوم دون مطلق ولي الأمر الشرعي للمجتمع.
وإن تم هذا الحمل فبالإمكان التخلص عن هذا الإشكال بالتعدي إلى الفقيه، أما تمسكا بعموم التعليل بأنه أمين الله في خلقه بناء على صدق هذا العنوان على الفقيه بعد فرض الإيمان بولاية الفقيه، وأما تمسكا - ابتداء - بأدلة ولاية الفقيه بدعوى أنها جعلت ما للإمام للفقيه ومنها الحكم بالعلم، بل ولعله يمكن التعدي إلى غير الفقيه ممن أعطاه الفقيه هذا المنصب ببيان: أنه إذا كان للإمام حق إعطاء هذا المنصب بما فيه من الحكم بالعلم لغيره، فللفقيه أيضا حق إعطائه لغيره، لأن ما للإمام للفقيه.
هذا، ولكن الظاهر أن الوجه الثاني للتعدي غير تام في المقام، لأن دليل ولاية الفقيه لم يرد بعنوان " ما للإمام للفقيه " حتى يتمسك بإطلاقه، ويقال: إنه كان