أداء الثمن، وفي الرواية الثانية حول أصل بيع الناقة، وكان حكم أمير المؤمنين (عليه السلام) فيهما أن قتل الأعرابي. والرواية الأولى تامة سندا، والثانية غير تامة سندا.
أما وجه الاستدلال فبالإمكان أن يقال: إن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد حكم في مورد الحديث بعلمه أو بعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهذا دليل على نفوذ علم المعصوم في القضاء، فإن تم التعدي إلى الفقيه بواسطة مبدأ ولاية الفقيه تعدينا إليه، وإلا - كما ناقشنا في ذلك في الوجه السابق - لم يدل هذا الوجه على أكثر من نفوذ علم المعصوم، وهو غير المقصود.
وعلى أي حال فيرد عليه لو اقتصرنا على التمسك بعمل الإمام (عليه السلام): أن بالإمكان حمل عمل أمير المؤمنين (عليه السلام) على تنفيذ القتل بشأن من كذب الرسول (صلى الله عليه وآله)، لا على القضاء بمعنى خصم النزاع، وإن كان قد ارتفع به النزاع تكوينا.
وبتعبير آخر: لعل هذا الحكم لم يكن قضاء بمعنى خصم النزاع في حقوق الناس، بل كان إجراء لحد هو من حقوق الله، وقد مضت - في الدليل السادس - الإشارة إلى أن التعدي من حقوق الله إلى حقوق الناس غير صحيح، كما أن أمر أمير المؤمنين (عليه السلام) للأعرابي في إحدى الروايتين بتسليم الناقة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمكن حمله على إرشاده إلى وظيفته الشرعية.
نعم بالإمكان أن يجعل الدليل على نفوذ علم المعصوم في القضاء أصل قاعدة وجوب تصديق الإمام فيما يقول وكفر مكذبه مثلا، كما استدل به في الجواهر جاعلا هذا الحديث شاهدا على تلك القاعدة بقوله: " ولذا قتل أمير المؤمنين (عليه السلام) خصم البني (صلى الله عليه وآله) لما تخاصما إليه في الناقة وثمنها ".
وهذا أيضا يرد عليه: أن هذا إنما يدل على أننا لو شاهدنا المعصوم قضى بعلمه وجب علينا التسليم. أما أنه هل يجوز له أن يقضي بعلمه فيقضي بالفعل بعلمه أو لا يجوز له، فلا يقضي إلا بالبينات والأيمان، فلا توجد أي ملازمة بين وجوب