فلو ركب طريقه اختيارا أعاد ليأتي بالصفة المشروطة، وإن ركب بعضا قال الشيخ قضاء ومشى ما ركب، وبه قال ابن عمر، وابن الزبير، وقيل: يقضي ماشيا لإخلاله بالصفة المشترطة، وهو أجود.
ولو عجز ركب إجماعا، ومع العجز يسقط الوجوب، لأن التكليف منوط بالوسع، وهل يسوق هديا؟ قال المفيد: لا، لعجزه عما نذره، فلا يحتاج إلى جبر، وقال الشيخ: يسوق بدنة كفارة عن ركوبه، لما رووه أن النبي صلى الله عليه وآله (أمر أخت عقبة بن عامر أن تركب وتسوق هديا) (1)، وما رواه الحلبي عن أبي عبد الله قال (فليركب وليسق بدنه) (2) وفي رواية ذريح عن أبي عبد الله (عن رجل حلف ليحج ماشيا، فعجز قال فليركب وليسق الهدي، إذا عرف الله منه الجهد) (3) وأوجب الهدي الشافعي في أحد قوليه، وأحمد في أحد الروايتين، وأوجب أبو حنيفة الهدي مع العجز والقدرة إذا ركب، لأنه خلل وقع في الحج، فيجبر بالهدي، وأقله شاة، والذي يليق بمذهبنا: أنه إن ركب مع القدرة قضى، وكفر إن كان الزمان متعينا، وإن كان مطلقا أتى به فيما بعد ولا كفارة، وإن ركب مع العجز لم يجبره بشئ.
وحجة أبي حنيفة ضعيفة، لأنا لا نسلم أن الخلل وقع في الحج بحيث يجبر بالهدي، لأن المشي ليس من أفعال الحج، فلا يوجب جبرانا، ثم لو كان خللا في الحج لا نسلم أن كل خلل يجبر، بل وجود الجبران موقوف على الدلالة.
ويمكن أن يقال: إن الإخلال بالمشي ليس مؤخرا في الحج، ولا هو من صفاته بحيث يبطل بفواته، بل غايته أنه أخل بالمشي المنذور، فإن كان مع القدرة