ومن أين يحج عنه؟ الأفضل من بلده، ولو حج عنه من ميقات، جاز.
ولو قصر ماله حج عنه من أقرب المواقيت وبه قال الشيخ في المبسوط والخلاف، وقال بعض المتأخرين: لا يجزي إلا من بلده إن خلف سعة، وإن قصرت التركة حج عنه من الميقات، مدعيا تواتر أخبارنا، ورواية أصحابنا.
ولنا: أن الواجب في الذمة ليس إلا الحج، فلا يكون المسافة معتبرة، ولأن الميت لو اتفق حضوره بعض المواقيت لا لقصد الحج أجزأه الحج من الميقات، فكذا لو قضى عنه، ودعوى المتأخرين تواتر الأخبار غلط، فإنا لم نقف بذلك على خبر شاذ، فكيف دعوى التواتر، ولعل مصير. إلى فتواه لكلام في النهاية ليس بصريح فيما رآه، ثم أكد ذلك بأن المحجوج عنه كان يجب عليه الحج من بلده، ويلزمه نفقة طريقه فمع الموت ولنفقة لازمة، وما ذكره ليس بشئ، لأنا لا نسلم أنه يجب أن يحج من بلده، بل لو أفاق المجنون عند بعض المواقيت، أو استغنى الفقير وجب أن يحج من موضعه على أنه لم يذهب محصل على أن الإنسان يجب أن ينشئ حجة من بلده، فدعواه هذه غلط، فما رتبه عليها أشد غلطا.
مسألة: إذا عجز عن الحج بنفسه وماله وقدر أن يحج مستطيعا لم يجب عليه وقال الشافعي: يجب أن يحج ولده، وإن كان مستطيعا، وله في الأجنبي قولان.
لنا: شرط الوجوب، ليس حاصلا، فلا يتحقق الوجوب، ولأن النبي صلى الله عليه وآله سئل ما يوجب الحج، فقال الزاد والراحلة.
مسألة: من وجب عليه حجة الإسلام وهو مستطيع، لم يجب أن يحج عن غيره. ولا أن يتطوع بالحج، ولو فقد الاستطاعة جاز له النيابة وإن كان ضرورة، وقال الشيخ: لا يحج عن غيره، وله أن يتطوع عن نفسه، وقال أبو حنيفة، ومالك يجوز أن يحج عن غيره، وأن يتطوع عن نفسه، وقال الشافعي: من لم يحج حجة