والأخرى: يختص المساجد الأربعة، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال (كل مسجد له إمام ومؤذن يعتكف فيه) (1) قال الشافعي والأولى (بالمرأة) الاعتكاف في مسجد بيتها، ويعني به الذي تفرده للصلاة، وعندنا الرجل والمرأة سواء.
لنا: أن النبي صلى الله عليه وآله اعتكف في مسجده، واعتكف علي عليه السلام في جامع الكوفة والصحابة في مسجد مكة، وجماعة من الصحابة في مسجد البصرة، فيجب الاقتصار على ما فعلوه، وأيد ذلك: ما روى عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، صلى فيه إمام عدل) (2) ولم يوجد إلا في هذه الأماكن، نعم قد روي (أن الحسن عليه السلام صلى بمسجد المدائن) (3).
وربما كان احتجاج المفيد رحمة الله وموافقته، بما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال (كان علي عليه السلام يقول لا أرى الاعتكاف إلا في المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله أو مسجد جامع) (4) ومثله روى أبو الصباح عنه عليه السلام عن علي عليه السلام (5) وروى عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا يصلح العكوف في غير مكة إلا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله، أو في مسجد من مساجد الجماعة) (6).
وما ذهب إليه المفيد وأتباعه حسن، وهو الأولى، لأنه أقرب إلى مطابقة القرآن وأبعد من تخصيصه، واعتكاف النبي صلى الله عليه وآله وغيره بالمساجد المذكورة لا يمنع من غيرها، واحتجاج الشيخ بإجماع الفرقة لا نعرفه، ويلزم ذلك من عرف إجماعهم عليه، وكيف يكون إجماع والأخبار على خلافه، والأعيان من فضلاء الأصحاب قائلون بضده.