فلا يفسده إلا ما يتعمد، لا ما يقع نسيانا.
ويمكن أن يقال: فتوى الأصحاب على أن المجنب إذا نام مع القدرة على الغسل ثم انتبه، ثم نام، وجب عليه القضاء سواء ذكر الاحتلام بعد ذكره الأول، أو نسيه، وإذا كان التفريط السابق مؤثرا في إيجاب القضاء، فقد حصل هيهنا تكرر النوم مع ذكر الجنابة أول مرة، فيكون القضاء لازما خصوصا، وقد وردت الروايات الصحيحة الصريحة المشهورة بذلك.
فإن قيل: إنما وجب عليه القضاء في تكرر النوم مع نية الاغتسال، فيكون ذاكرا للغسل ومفروطا فيه في كل نومه، قلنا: الذي ذكر نية الغسل بعض المصنفين ولا عبرة بقوله مع وجود النصوص المطلقة، روى ذلك جماعة منهم ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله: " في الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح قال يتم صومه ويقضي يوما آخر (1) " ومثله روي محمد بن مسلم وسماعة بن مهران وغيرهما.
ولو قيل: إنما يلزم ذلك إذا تكرر النوم في الليلة الواحدة، قلنا: كما عمل بتلك الأخبار في الليلة الواحدة، فإن لم يتعمد البقاء على الجنابة، جاز أن يعمل بهذا الخبر في تكرر النوم في الليالي المتعددة، ولا استبعاد في هذا، إلا أن يستبعد في ذلك.
ولا يقال: فيلزم الكفارة، لأنا نقول: قد بينا أن إيجاب الكفارة مع تكرر النوم لم يثبت واقتصرنا على القضاء لا غير في الموضعين، وأما بقية أقسام الصوم فسيأتي في أماكنها إن شاء الله.
والندب: من الصوم منه " ما لا يختص وقتا " ومنه " ما يختص " فما لم يختص جميع أيام السنة، إلا الأيام المنهي عنها قال النبي صلى الله عليه وآله: " لكل شئ زكاة وزكاة