ولو كان ما قطعه من المسافة لم يتجاوز موضع الأذان أتم، لأن ذلك بحكم البلد، وإلى هذا أومئ في المبسوط، وقال في النهاية: إن كان سار أربعة فراسخ كان الحكم كذلك، وإن كان دون الأربع أتم، وكأنه عول على الرواية.
الشرط الثاني: أن لا يقطع السفر بعزم الإقامة، فلو عزم مسافة وفي أثنائها له منزل قد استوطنه ستة أشهر فصاعدا "، أو عزم الإقامة في أثناء المسافة عشرة أيام فصاعدا " أتم، لأن مسافته لم تبلغ مسافة القصر، وانقطع سفره بمنزله، فإن استأنف مسافة قصر وإن كان دونها أتم، ولو قصد مسافة القصر وعلى رأسها منزل قد استوطنه القدر المذكور قصر طريقه، وأتم في منزله.
ولو مر ببلد له فيه أهل أو منزل لم يستوطنه، أو استوطنه دون المدة قصر، ولا عبرة بالأهل، ولا بذلك المنزل، لما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام قال (كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك أن تتم منه) (1) وعنه عليه السلام (عن الرجل يمر ببعض الأمصار وله بالمصر دار وليس المصر وطنه أيتم أم يقصر؟ قال يقصر إنما هو المنزل الذي يستوطنه) (2).
مسألة: إذا استوطن منزلا ستة أشهر فصاعدا " أتم إذا مر به، وقصر طريقه إن كانت مسافة، وقال الشافعي: لا يلزمه التمام، لأن النبي صلى الله عليه وآله والصحابة مروا في حجهم بمكة ولهم فيها مساكن ولم يتموا (3).
لنا: أنه لا بد من حد للاستيطان، وحيث لم يحده الشرع قدرناه بما يسمى في العادة استيطانا، ومن أقام في ملكه هذه القدر فقد مر عليه فصلان مختلفان فقضى العرف بأنه وطن، وأيد ذلك: ما رواه إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال (سألته عن