بعض أصحاب الحديث من أصحابنا: إذا خرج من منزله، لقول أبي عبد الله عليه السلام (إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه) (1) وقال الشافعي، وأبو حنيفة: إذا فارق بيوت المصر، لما روي (أن النبي صلى الله عليه وآله كان يبتدي القصر إذا خرج من المدينة) (2) وقال عطا: إذا نوى السفر قصر في البلد.
لنا: أن السفر شرط القصر، وهو لا يتحقق في بلده ومع حيطان البلد، فلا بد من تباعد يطلق على بالغه السفر، وليس بعد مفارقة البيوت إلا ما قلناه، ولأن النبي صلى الله عليه وآله كان يقصر على فرسخ من المدينة، وفرسخين، فيكون بيانا، وقال عليه السلام (إذا خرجت من المدينة مصعدا " من ذي الحليفة صليت ركعتين حتى أرجع إليها) (3) وظاهره بيان لموضع الترخيص، فلو اكتفي بمفارقة البيوت لما كان لذكرى ذي الحليفة معنى.
ومن طريق الأصحاب: ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال (إذا كنت في الموضع الذي لا يسمع فيه الأذان فقصر) (4) وما احتج به الشاذ منا يحتمل مع خروجه من منزله أن يبلغ موضعا " لا يسمع فيه الأذان جمعا " بين دلالتي الحديثين، وكذا الجواب عما استدل به الجمهور، فإنه يحتمل مع الخروج أن يبلغ ذي الحليفة، أو مقاربها، لأن التمسك بالمبين أولى.
واختلف الأصحاب عند عوده، فقال الشيخ (ره) في النهاية والمبسوط، ومن تابعه: يقصر حق يبلغ الموضع الذي ابتدء فيه القصر، وقال علم الهدى (ره):
حتى يدخل منزله، لنا: أنا بينا الحد الذي يدخل به في كونه مسافرا " فيكون هو الحد الذي به يدخل في الحضر.