إلا في مسجد واحد، وأجاز أبو حنيفة في موضعين استحسانا " لأن (عليا " عليه السلام كان يخرج إلى الحنانة في العيد ويستخلف من يصلي في المصر لضعفة الناس) وإذا جاز في العيد جاز في الجمعة، وأجاز أبو يوسف في بلد ذي جانبين إذا لم يكن بينهما جسر، لأن مع الجسر يعودان كالبلد الواحد.
لنا لو صحتا مع التقارب لصحت في مسجد ومع بعد المسافة يشق الإتيان فلا بد من تقدير يرفع به المشقة والقدر الذي يمكن تكلفه لأكثر الناسخ فرسخ فكان الاعتبار به ولا معنى لاعتبار البلد فقد يكون متباعد الأطراف ولو جاز عقد جمعتين لجاز عقد ما زاد ولو لم يجز عقد جمعتين لوجب الاجتماع وإن تطاول البلد فراسخ فيلزم المشقة فعلم أن ما قلناه أنسب برفع الحرب ولأن الجمعة تسقط عن المريض لمشقة الحضور فمن زادت مسافته على الفرسخ أولى بالرخصة.
ويؤيد ما قلناه ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لا يكون بين الجمعتين أقل من ثلاثة أميال، وإذا كان بين الجماعتين من الجمعة ثلاثة أميال فلا بأس أن يجمع بهؤلاء وهؤلاء) (1).
مسألة: البلوغ، وكمال العقل، والذكورية، والحرية، والحضر، والسلامة من المرض شرط لوجوب الجمعة، وعليه إجماع العلماء، ولقول النبي صلى الله عليه وآله (من كان يؤمن بالله، واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا على امرأة، أو مسافر، أو عبد، أو صبي، أو مريض) (2) ولما روى محمد بن مسلم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن الله عز وجل فرض في كل سبعة أيام خمسا " وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها إلا خمسة: المريض، والمملوك، والمسافر، والمرأة، والصبي) (3).