عنده في معنى الحقنة، وقال لو أخافه جان من غيره أمره لم يفطر، ولو أمره، أو طعن نفسه أفطر، ولم يذكر المستند، فإن كان مستندا إلى ما يقوله الجمهور، من احتجاجهم بخبر الاستنشاق، والمنع من المبالغة، فقد بينا أنه ضعيف، وإلا فالحقنة بالجامد أبلغ، وهو لا يوجب بها قضاء، ويقتصر على الكراهية، وقد قال بمثل ما قلناه في مسائل الخلاف.
مسألة: (القئ) عمدا يبطل الصوم، ولو ذرعه (1) لم يبطله، وبه قال الشافعي وأبو حنيفة، وأحمد، ومالك، وحكي عن ابن عباس: أنه لا يبطل، وإن تعمد، وقال به شاذ منا، وكأنه استناد إلى أن الصوم إمساك عما يتناول، لا عما يخرج، وعن أبي ثور: أنه يجري مجرى الأكل.
لنا: اتفاق العلماء، ولا عبرة بانفراد ابن عباس، ويدل على ما قلناه: ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول صلى الله عليه وآله (من ذرعه القئ وهو صائم فليس عليه قضاء، وإن استيقن فليقض) (2) ولأن استجلابه يلزم تردده في حلقه، فلا ينفك من ابتلاع شئ منه، ولا كذا لو ذرعه.
ويؤكد ما رووه: ما رويناه عن أهل البيت عليهم السلام من ذلك رواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال (إذا تقيأ الصائم فقد أفطر، وإن ذرعه من غير أن يتقيأ، فليتم صومه) (3).
مسألة: لو قطر في (أذنه) دهنا، أو غيره لم يفطر، وقال أبو الصلاح، يفطر، وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة، ومالك، وأحمد إذا وصل إلى دماغه.
لنا: أن الأصل الحل، والمنع موقوف على الدلالة الشرعية، وما احتجوا به من خبر الاستنشاق قد بينا أنه غير دال على موضع النزاع، ويؤيد ما قلناه: ما روي