عند الدفع لأن الساعي كالوكيل لأهل السهمين.
الثاني: لو نوى إن كان ماله الغائب سالما " فهذا زكاته، وإن كان تالفا " فهو تطوع، صح ويجزيه لو كان سالما "، ولو نوى أنه زكاة لأحد المالين صح لأن التعيين ليس شرطا "، ولو قال هذا زكاة أو تطوع لم يجز عن الواجب لأنه لم يخلص له، ولو نواه عن ماله الغائب فبان تالفا " ففي جواز صرفه إلى غيره من أمواله تردد، أقربه عندي الجواز.
الثالث: لو امتنع المالك من التسليم أخذها الإمام كرها "، ولم يعتبر نية المالك ولو أخذها طوعا " اعتبرت نية المالك. وقال الشافعي: لا يعتبر نية المالك إذا أخذها الإمام لأنه له ولاية القسمة، فكان كالقاسم بين الشركاء. وما ذكره ضعيف، لأن الإمام وإن كان قاسما " فإنه لا يخرج الزكاة عن كونها عبادة تفتقر إلى النية، ولأن الإمام كالوكيل فتعتبر نيته.
وقال بعض الجمهور: لا تجزي الزكاة إذا أخذها ما لم ينوها المالك وإن جاز أخذها كالصلاة فإنه يكره الممتنع، ولا تجزي من دون النية وليس بشئ لأن الزكاة مال متعين للفقراء في يد المالك، للإمام الإجبار على قسمة المشترك وعلى تسليمها فجاز له إفرادها عند امتناع المالك والنيابة في تسليمها جائز وليس كذلك الصلاة.
مسألة: يجوز للمالك تفريق الزكاة واختلفوا في الأفضل، فقال أحمد: الأفضل تفريقها بنفسه. وقال الشافعي: دفعها إلى الإمام العادل أفضل. وقال أبو حنيفة: لا يفرق الأموال الظاهرة إلا الإمام، لقوله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم) (1).
لنا أن الزكاة حق لأهل السهمان فجاز دفعها إليهم كساير الحقوق، ولكن الأفضل دفعها إلى الإمام لأنه أبصر بمواقعها.