وأسحقه، وصحيحة عمر بن أذينة (1) قال كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجل له كرم، أيبيع العنب والتمر ممن يعلم أنه يجعله خمرا أو سكرا، فقال إنما باعه حلالا في الأبان الذي يحل شربه أو أكله، فلا بأس ببيعه.
ورواية أبي كهمس (2) قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام عن العصير، فقال لي كرم وأنا أعصره كل سنة، وأجعله في الدنان وأبيعه قبل أن يغلي، قال لا بأس، وإن غلى فلا يحل بيعه، ثم قال هو ذا نحن نبيع تمرنا ممن نعلم أنه يصنعه خمرا، إلى غير ذلك. وأنت خبير بأن تلك الروايات متعرضة لمسألة أخرى سيأتي الكلام فيها انشاء الله، وهي بيع العصير ممن يعلم أنه يجعله خمرا، وهي غير ما نحن بصدده، وهو أن العصير بما أنه حرام أو نجس هل يجوز بيعه أو لا، باع ممن يجعله خمرا أو خلا ودبسا، فهذه الروايات أجنبية عن مسئلتنا، فإن قوله في صحيحة الحلبي لا بأس ببيعه حلالا، أي بيعه ممن يجعله حراما، فالتفصيل بين زمان الحلية وبعده في موضوع خاص، وهو البيع ممن يجعله حراما وخمرا، فلا يبعد هذا التفصيل ، أي جواز البيع ممن يجعله خمرا، في الأبان الذي يحل شربه، وحرمته في حال عروض الحرمة عليه، لو عملنا بهذه الروايات، بل رواية أبي كهمس أيضا راجعة إلى سائر الروايات، بملاحظة ذيلها: هو ذا نحن نبيع (الخ) فإن الظاهر منها أن السؤال كان عن بيع العصير ممن يعلم أنه يجعله خمرا، فقال أبو عبد الله عليه السلام (على ما فيها): هو ذا، أي عملك نحو عملنا، نحن أيضا نفعل ذلك ولعل بيع العصير ممن يجعله خمرا كان معهودا متعارفا، فحمل عليه السؤال.
وأما نحو مرسلة الهيثم (3) ورواية أبي بصير (4) عن أبي عبد الله عليه السلام