ثم إن من الممكن الخدشة في دعوى العلامة في التذكرة الاجماع على عدم جواز بيع السرجين النجس: لأنه معلل بقوله: للاجماع على نجاسته فيحرم بيعه، و في مثله يشكل اثبات الاجماع على الحكم الأول. وقال ابن زهرة في الغنية (1) وقيدنا بكونها مباحة، تحفظا عن المنافع المحرمة، ويدخل في ذلك كل نجس لا يمكن تطهيره، إلا ما أخرجه الدليل: من بيع الكلب المعلم والزيت النجس للاستصباح به تحت السماء، وهو اجماع الطايفة. (انتهى) والظاهر منه أن قوله وهو، بيان للدليل، فكان مورد الاجماع جواز بيع الكلب المعلم والزيت، ولو فرض رجوعه إلى جميع ما تقدم، لكن يكون محط كلامه عدم جواز بيع ما حرمت منافعه، دون ما حلت، وقد تقدم أن الانتفاع بالعذرات جائز قطعا.
وقد تقدم أن دعوى الفخر والمقداد الاجماع في محكي شرح الإرشاد و التنقيح إنما هي على حرمة الانتفاع بالأعيان النجسة، وقد تقدم أيضا ما فيها، بل يظهر منهما أن عدم جواز البيع لعدم جواز الانتفاع، ومع جواز الثاني يجوز الأول أيضا. ومن بعض ما تقدم يظهر الكلام في قول الشهيد، قال في المسالك (2) في خلال كلام منه: وتحريم ذلك (أي بيع الأرواث والأبوال) مما لا يؤكل لحمه، فإنه موضع وفاق.
نعم عن نهاية الأحكام الاجماع على تحريم بيع العذرة وشرائها ولم يحضرني عبارتها. لكن اثبات الحكم به مشكل، لاحتمال أن دعواه مبنية على اجتهاده في كلام القوم، كدعوى شيخ الطائفة في الخلاف والمبسوط، ودعوى ابن زهرة، مع أنه قد تقدم أن دعوى الاجماع في هذه المسألة التي تراكمت فيها الأخبار والأدلة مشكلة. وكيف كان يشكل اثبات شهرة في بيع عذرة الانسان للمنافع المحللة، بحيث يرجح بها الرواية على عدم الجواز، أو تترك بها ما دلت على الجواز.