وغيره في سائر عيوبه إلى غير ذلك من الموارد المشتبهة التي لا بد من التماس دليل على تسويغها، وقد استدل على المطلوب بل على اطلاقه بأمور:
منها قوله تعالى: لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما، (1) والاستدلال به لأصل المطلوب يتوقف على كون الاستثناء متصلا وكون الاستثناء من الجهر بالسوء، وكان تقديره لا يحب الله الجهر إلا جهر من ظلم، فيكون بقرينة الاستثناء في مقام بيان الجهر بالسوء فيؤخذ باطلاقه لأنواع الجهر بالسوء كالشتم والدعاء بالسوء والغيبة، ويتوقف اطلاع المطلوب على احراز كونه في مقام بيان عقد الاستثناء أيضا، ويمكن الخدشة في جميع ذلك، لعدم دافع لاحتمال كون الاستثناء منقطعا سيما مع عدم امكان استثناء من ظلم من ظاهر الكلام فيحتاج إلى تقدير.
وما يقال: إن الأصل في الاستثناء الاتصال إن لم يرجع إلى ظهور في الكلام لا يتبع ويشكل دعوى الظهور في المقام بعد كون الاتصال متوقفا على التقدير وهو خلاف الأصل أيضا وقد حكي عن ابن الجني أنه منقطع (2) وعن ابن عباس (3) وجماعة أخرى قراءة من ظلم معلوما وعليه يكون منقطعا ويكون المعنى، لكن من ظلم لا يخفى أمره على الله تعالى، بقرينة سميعا عليما، أو كان التقدير لكن من ظلم جهر بظلامته و من ظلم جهر بظلمه، وعدم دليل على أن الاستثناء يكون من الجهر والتقدير، إلا جهر من ظلم، لاحتمال كون التقدير في المستثنى منه ويكون التقدير، لا يحب الله الجهر من أحد بالسواء إلا من ظلم، أو جهر أحد إلا من ظلم، فيكون في مقام بيان الأشخاص لا الأقوال كما هو ظاهر عبارة تفسير القمي (4).
فكأنه قال: لا يجوز من أحد الجهر إلا ممن ظلم، وأما أن كل جهر لا يجوز فلا اطلاق لاثباته بل في مقام الاهمال من هذه الجهة فلا تدل الآية على حرمة الغيبة