يقال: انتصر على خصمه إذا استظهر أو الانتقام من الظالم.
أما على الأول فلأن مقتضى اطلاقه جواز الاستنصار وطلب النصر من كل من يرجو منه ذلك، واليا كان أو غيره، ولازمه جواز ذكر مساءة الظالم وغيبته عند من يرجو منه النصر، كان الظالم متجاهرا أم لا، والسامع عالما بمسائته أم لا.
وأما على الثاني فلأن جواز الانتقام من الظالم مستلزم لجواز الانتصار من الغير وإلا فقلما يكون المظلوم بنفسه يمكنه الانتقام من ظالمه، والانتصار ملازم لذكر مساءة الظالم كما مر، ولا أقل من أن اطلاق الانتصار يقتضي جواز انتقامه بمعاونة الغير كعشيرته وقبيلته إذا لم يمكنه بنفسه وهو ملازم للغيبة.
ثم إن مقتضى ظاهر الآية جواز إعانة الغير إذا استعانه المظلوم لدفع ظلامته والانتقام من الظالم، فإذا جاز للمظلوم الانتقام من الظالم وتوقف نوعا على الاستعانة بغيره كعشيرته وأحبته وغيرهما جاز لهم نصره بظاهر الآية ولو بملازمة عرفية (نعم) لا يجوز لهم التعرض للظالم بأغراضهم لا لكونهم آلة ووسيلة للانتقام للمظلوم هذا على المعنى الثاني وأما على المعنى الأول فالأمر أوضح.
وربما يقول: أن لا اطلاق في الآية من جهة كيفية الانتصار بل هي بصدد بيان أن لكل مظلوم يجوز الانتصار والمتيقن منه جواز الاستنصار من الوالي والقاضي (وفيه) أن الآية سيقت لبيان جواز الانتصار بعد الظلم مقابل الظلم الابتدائي فلا اشكال في اطلاقها من هذه الحيثية.
إلا أن يقال: إنها بصدد بيان عدم السبيل للمظلوم دون الظالم، وبيان صرف مقابلتهما، فلا اطلاق فيها من جهة كيفية الانتصار، لكنه أيضا غير وجيه، لأن الظاهر منها أنها بصدد بيان الجملة كما تشهد به الآيات المتقدمة عليها وإنما ذكرت الجملة الثانية تطفلا، وعلى ما قررناه يمكن الاستدلال عليه بمثل قوله: فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (1) وقوله: والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (2) على كلام وتأمل واشكال.