أنه مع خلو الأذهان عن الاحتمالات العقلية والمناقشات العلمية لا ينقدح فيها من الأدلة إلا التعييب عند الناس، بل الظاهر اعتبار هذا القيد في مفهومها العرفي فلا يقال لمن ذكر غيره عند نفسه: اغتابه وعابه فما أفاده شيخنا الأنصاري (1): أن ظاهر الأكثر دخول ذكره عند نفسه في تعريف الغيبة وحكى عن بعض معاصريه التصريح به:
غير ظاهر فإن التعاريف المتقدمة وكلمات اللغويين منصرفة عنه بل بعضها ظاهر في عدم الدخول كما أن الأدلة كذلك.
نعم مع الغض عن الانصراف أو الظهور المذكور فالظاهر الدخول لما تقدم من عدم دليل على أنها عبارة عن هتك ستر مستور.
أما غير رواية داود بن سرحان أي روايتي ابني سنان وسيابة ورواية يحيى الأزرق فلما تقدم: من أن الستر في مقابل الكشف النفسي المطلق، لكن بنظر العرف، فعليه إذا قال في أخيه: ما يكون مستورا عند الناس يكون مشمولا للموضوع المأخوذ فيها، لصدق أنه قال في أخيه وذكر أخاه، فإن الذكر والقول لا يتوقف صدقهما على وجود سامع ومخاطب.
وأما رواية داود وإن اشتملت على البث وهو النشر والإذاعة الغير الصادقين على ذكره لدى نفسه فربما يقال بما أنها في مقام التحديد: تدل على الحصر سيما مع ضمير الفصل وتعريف المسند إليه، لكن الظاهر أنه ليس فيها العناية بعنوان البث و النشر بل العناية بعنوان ما قد ستره الله عليه ولهذا ذكر فيها مقدار الستر وهو ما لم يقم عليه حد، وإلا كان اللازم منه أن يكون البث والإذاعة محرما وهو لا يصدق مع الذكر عند واحد أو اثنين أو ثلاث.
وتوهم أنه بدليل آخر كما ترى فإنها لو كانت في مقام بيان حدها بجميع جهاتها كانت حاكمة على سائر الأدلة مضافا إلى أنها متعرضة للأفعال المحرمة بل ما تكون موجبة للحد فلو كانت في مقام التحديد من جميع الجهات كان لازمه قصرها بها و معارضتها لسائر الأدلة وهو (كما ترى)، مع امكان أن يقال: إن صدر الرواية