عرفا، وقوله: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة (الخ) (1) وهو المتفاهم من جل الروايات لفظا وسياقا وبمناسبات الحكم والموضوع فراجع ما وردت في حرمتها، وما وردت في وجوب ردها تجد صدق ما ذكرناه.
نعم هنا بعض روايات يمكن أن يكون منشأ توهم عدم اعتباره:
منها رواية الفضيل (2) عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: قلت له: جعلت فداك من إخواني يبلغني عنه الشئ الذي أكرهه الرجل فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات فقال لي يا محمد: كذب سمعك وبصرك عن أخيك فإن شهد عندك خمسون قسامة فقال لك قولا فصدقه وكذبهم، ولا تذيعن عليه شيئا تشينه به و تهدم مروته فتكون من الذين قال الله: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة.
بدعوى أنها في صدد بيان حرمة الغيبة ومقتضى اطلاق صدرها أن مجرد ما يوجب شياع الفاحشة حرام وداخل في مفاد الآية أو يقال: إن سلم عدم كونها في مقام بيان حرمة الغيبة لكنها في مقام بيان حرمة إذاعة الفاحشة.
ومقتضى اطلاق صدرها حرمة ذكر عيب الغير سواء كان بقصد الانتقاص أم لا، فيكشف من اطلاق الرواية اطلاق الآية والمعنى المراد منها وهو أن المراد بإشاعتها مطلق فعل ما يوجب شياعها سيما مع ذكر الآية بنحو التفريع على الرواية والمتفرع على شئ يتبعه في الاطلاق والتقييد.
مع امكان أن يقال: بقيام قرينة عقلية على التعميم وهي أن لا فائدة في التنبيه على دخول القاصد لإشاعة الفاحشة في عموم الآية، وإنما يحسن التنبيه على أن قاصد السبب أي فعل ما يوجب إشاعة الفاحشة قاصد لإشاعتها بالحمل الشايع وإن لم يكن قاصدا لها بالحمل الأولى، وكيف كان فمطلق ذكر عيب الغير سواء كان بقصد الانتقاص أم لا بل ولو كان بقصد الترحم والتلطف داخل في اطلاق الصدر، واطلاقه كاشف