أن المراد بتحريم العناوين تحريم أكلها، منها ذكر لحم الخنزير للجزم بعدم إرادة جواز الانتفاع بغير لحمه، وعدم الجواز في الميتة. ومنها عدم ذكر الكلب، لعدم كونه مما يتعارف أكله، ومنها استثناء الاضطرار في المجاعة، فإن المراد منه جواز أكلها في المخمصة؟. ومنها قوله تعالى (قبل الآية الثانية) كلوا من طيبات ما رزقناكم، واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون، إنما حرم عليكم الميتة (الخ).
وتعقيب الأولى بقوله تعالى: يسألونك ماذا حل لهم (إلى قوله) فكلوا مما أمسكن عليكم وقوله: وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم. فاحتفافهما بما ذكر يوجب ظهورهما في إرادة الأكل، لا الانتفاعات الأخر، مع أن الشايع من المنافع منها، سيما الدم ولحم الخنزير هو الأكل. هذا مع ورود روايات يظهر منها ما ذكرناه.
كرواية المفضل بن عمر (1) المروية عن أبي عبد الله عليه السلام بطرق لا يبعد حسن بعضها: قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام لم حرم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير (إلى أن قال) ولكنه خلق الخلق، فعلم ما تقوم به أبدانهم وما يصلحهم، فأحله لهم وأباحه تفضلا (إلى أن قال:) أما الميتة فإنه لا يدمن منها أحدا إلا ضعف بدنه، ونحل جسمه، وذهبت قوته، وانقطع نسله، ولا يموت آكل الميتة إلا فجأة. ثم ذكر مفاسد أكل الدم، وأكل لحم الخنزير وشرب الخمر، ويظهر منها أن متعلق الحرمة في الآية الأكل والشرب لا غير، وقريب منها روايات أخر، يظهر منها ما ذكر.
وأما الروايات الآمرة بإهراق الماء المتنجس، فلأن الماء القليل الذي بقي في الإناء من فضل الكلب ونحوه لا فائدة له نوعا سوى الشرب أو الوضوء أو غسل شئ به، ومع عدم جوازها لا بد من إهراقه، فلا تدل تلك الروايات على حرمة مطلق الانتفاع به، لو فرض له انتفاع، كصبه على أصل شجر ونحوه، مضافا إلى