في الجملة صارت موجبة لشبهته، ويحتمل أن يكون وجه حصول الشبهة صحيحة أبي بصير (1) المروية عن أبي عبد الله عليه السلام في تجويز أجر المغنية في الأعراس، فاحتمل أن سائر أيام الفرح والأعياد كذلك فسئل عنه فيها، فأجاب عليه السلام بعدم البأس ما لم يعص به أو ما لم يزمر به، وبعد عدم جواز حمل ما لم يعص به على ظاهره فإنه من توضيح الواضح: فيه احتمالات، أبعدها ما احتمله الشيخ الأنصاري (2) وهو أن المراد بالسؤال الصوت الحسن الأعم من الغناء المحرم، وبالجواب تجويز قسم منه وهو ما ليس بغناء، وتحريم قسم وهو الغناء.
والانصاف أن هذا الحمل يساوق الطرح، ولعل ما دعاه إلى هذا الحمل البعيد بنائه على تعارضها مع الروايات الكثيرة المستفيضة أو المتواترة فرأى أن التصرف فيها أوهن من رفع اليد عنها، مع أن بينها وبين الروايات جمع عقلائي وهو حمل المطلقات عليها وتجويز الغناء في أيام الأعياد المقتضية للسرور والفرح، فقوله: ما لم يعص به أي ما لم يكن سببا لمعصية، أو ما لم يقترن بها، أو ما لم يتحد معها، كما لو كان التغني بالفحش والكذب ونحوهما من المحرمات، وبالجملة الظاهر المتفاهم منها أن الغناء في الأعياد وأيام الفرح لا بأس به بذاته ما لم يقترن بمعصية، وهو بوجه نظير ما ورد في بعض الروايات من رفع القلم في بعض الأعياد، والمراد به أيضا على فرض صحته ما يناسب أيام العيد والسرور كالتغني والتلهي لا مطلق المعاصي، والظاهر أن المراد بقوله: ما لم يزمر به، ما لم يتغن في المزمار من زمر أو زمر من التفعيل غنى بالمزمار، فتدل على جواز الغناء في الأعياد دون المزامير مع احتمال أن يكون ما لم يؤزر فتوافق الأولى، لكن يشكل العمل بها لعدم قائل ظاهرا باستثنائه فيها بل عدم نقل احتماله من أحد مع بعد تجويزه في العيدين الشريفين المعدين لطاعة الله تعالى والصلاة والانقطاع إليه تعالى كما يظهر من الأدعية و الأذكار والعبادات الواردة فيهما وفي الأعياد المذهبية بل بعض الأعياد الملية، وضعف