في قول الزور.
نعم هنا كلام آخر وهو أن الظاهر من الآية أن لهو الحديث قسمان والمحرم منه هو ما يشترى وتكون الغاية به اضلال الناس عن سبيل الله، وغاية ما تدل الروايات هو كون الغناء داخلا فيها، ومقتضاه أن يكون الغناء قسمين محرم هو ما يوجب الاضلال ومحلل هو غيره، ويمكن أن يقال: إن المراد بالاضلال عن سبيل الله ليس خصوص الاضلال عن العقايد بل جميع الواجبات فعلا والمحرمات تركا من سبل الله وكل شئ يوجب ترك واجب أو فعل محرم يكون صادا عن سبيل الله ومضلا عنه، فلو تعلم أحد أحاديث لهوية ليحدثها على قوم يوجب تحديثها، ولو اقتضاء ترك معروف أو فعل منكر يصدق عليه أنه اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله فحينئذ نقول: لولا الروايات المفسرة كان ظاهر الآية حرمة اشتراء لهو الحديث أي الأخبار الموجبة بمدلولها لالهاء الناس واضلالهم عن سبيل الله، كما ورد في سبب نزولها، أن النضر بن الحرث (1) كان يخرج إلى فارس فيشترى أخبار الأعاجم ويحدث قريشا ويصرفهم عن استماع القرآن، فلم تكن شاملة للغناء الذي هو من كيفيات الصوت ولا دخل له بمدلول الحديث ومضمونه، لكن بعد تفسيرها به وقلنا بدخوله فيها بالتقريب المتقدم في الآية المتقدمة: يصدق على من تعلم الغناء للتغني أنه اشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله، أما لأنه بنفسه حرام وبإيجاد يخرج المغني و السامع عن سبيل الله، وأما لأنه بذاته مع تجريده عن معاني الألفاظ ومع سماعه و عدم فهم المعنى مما يترتب عليه ولو اقتضاء الصد عن سبيل الله والغفلة عن ذكر الله، وربما ينجر به إلى فعل الكبائر وترك الواجبات كما عن النبي صلى الله عليه وآله الغناء رقية الزنا (2) ومع العلم بأن ذلك من مقتضيات ذات الغناء وتعلمه للتغني: يصدق أنه تعلم للاضلال