ممنوعة، كيف؟ وأن التغني بالأشعار عند الناس كان متعارفا في كل عصر، وربما يتفق معه سائر المحرمات، وكون المتعارف عند سلاطين الطائفتين أو الأمراء في عصرهم وسائر الأعصار ذلك: لا يوجب أن يكون نوع التغنيات كذلك حتى يدعى الانصراف.
مضافا إلى أن كثرة أفراد طبيعة في قسم لا توجب الانصراف فإن الاطلاق عبارة عن الحكم على طبيعة من غير قيد، فلا بد في دعوى الانصراف من دعوى كون الكثرة والتعارف وأنس الذهن بوجه تصير كقيد حاف بالطبيعة وهو في المقام ممنوع سيما في مثل مقارنات الطبيعة لا مصاديقها وأصنافها، مضافا إلى أن اللازم من دعوى الانصراف إلى أشباه ما تتعارف في عصر الأمويين والعباسيين الالتزام بتخصيص تحريمه بما يكتنف بجميع ما يتعارف في مجالسهم الملعونة من دخول الرجال على النساء وشرب الخمور وارتكاب الأفعال القبيحة والفواحش وضرب أنواع الملاهي والتلهي بالأشعار المهيجة المورثة لإثارة الشهوات ورقص الجواري والغلمان إلى غير ذلك، ومع فقد بعضها يقال بالجواز، فلا وجه لتجويز خصوص ما يكون من قبيل التغني بالقرآن والفضائل لقصور الأدلة، بناء عليه عن اثبات حرمته ولو مع الأشعار الملهية والمهيجة لكون المتعارف في عصرهم أخص منه، ولا أظن التزامهم به، فدعوى الانصراف كدعوى عدم الاطلاق في الضعف.
ومنها التمسك بروايات عمدتها صحيحة أبي بصير (1) قال: قال أبو عبد الله عليه السلام أجر المغنية التي تزف العرايس ليس به بأس وليست بالتي يدخل عليها الرجال كذا في الوسائل عن المشايخ وفي الفقيه (2) لكن في مرآة العقول (3) ليست بسقوط (الواو)، بدعوى أن قوله: وليست بالتي (الخ) مشعر بالعلية أو دال عليها، فتدل على أن المحرم قسم منه وهو المقارن للمعاصي كدخول الرجال على النساء (وفيه)