الميزان فيه عدم اندراج الدليلين في الخبرين المختلفين والمتعارضين الوارد في أدلة العلاج بحسب نظر العرف وبالجملة هذا الوجه ليس موجبا لاخراج الأدلة عن التعارض على فرضه: أن مقتضى الاستحباب يمكن أن يزاحم مقتضى الحرام في بعض ملاكه فيخرج الحرام عن كونه حراما فعليه يمكن أن يكون التعليق في دليل الحرام أيضا، ولا يتعين التصرف في دليل الاستحباب لتحقق احتمال التصرف في كليهما فيبقى التعارض بحاله.
ويمكن أن يقال في المقام ونظائره إن الأحكام في المطلقات لم تتعلق إلا بنفس الطبائع دون أفرادها، ولم تكن ناظرة إلى أحوال الأفراد فضلا عن كونها ناظرة إلى طبيعة أخرى وأفرادها أو حال المزاحمات بين الأفراد أو المقتضيات في حال انطباق العناوين على الموضوعات الخارجية وعليه يكون حكم كل عنوان عليه فعليا من غير تعارض بين الدليلين، فإن مصب التعارض بين الأدلة هو مقام الدلالة والمدلول، والفرض أن الحكم متعلق بالطبايع وكل طبيعة تغاير الأخرى فلا مساس بين الدليلين وإلا الحكمين المتعلقين بالطبيعتين، فلا تعارض بين قوله البكاء والابكاء مثلا مستحب وبين قوله: الغناء حرام في مقام الدلالات وتعلق الأحكام بالموضوعات وأما مقام انطباق العناوين على الأفراد الخارجية فخارج عن باب تعارض الأدلة والدلالات، لعدم كون الأفراد من مداليل الأدلة في المطلقات، فالعناوين التي بينها عموم من وجه بحسب التصادق خارج عن باب التعارض، فتحصل من ذلك أن حرمة الغناء على عنوانه باقية فعلية واستحباب قراءة القرآن والرثاء على أبي عبد الله الحسين عليه السلام كذلك من غير تعارض بين الدليلين أو تزاحم بين المقتضيين.
نعم العقل في مقام الامتثال يحكم بلزوم الاحتراز من باب حفظ الغرض الأهم، فلو سمي هذا عدم مزاحمة مقتضى المستحبات لمقتضى المحرمات فلا بأس به بعد وضوح المراد، فالترجيح في مقام الامتثال بحكم العقل غير مرتبط بمقام جعل الأحكام على عناوين الموضوعات، هذا بحسب القواعد، وأما لو فرض مورد