منها، أن مرجع أدلة الاستحباب إلى ايجاده بسبب مباح لا المحرم ويحتمل أن يكون مراده منه انصراف أدلته إلى ايجاده بطريق مباح وكيفية مباحة، فلا تكون مقدمته محرمة، ولا ينطبق عليه عنوان محرم، وهذا التعميم يظهر من التأمل في كلامه، ويحتمل أن يكون مراده إهمال أدلته، فلا اطلاق فيها بالنسبة إلى مورد المحرم.
ومنها، ما ذكره في مقام بيان السر وحاصله أن أدلة المستحبات تفيد أحكاما نحو الحكم الحيثي فلا ينافي طر وعنوان آخر من الخارج يوجب لزوم فعله أو تركه، وبعبارة أخرى أن دليل المستحب يدل على استحباب شئ لو خلى ونفسه أي مع خلوه عما يوجب لزوم أحد طرفيه.
ومنها، ما ذكره بقوله: والحاصل أن جهات الأحكام الثلاثة أعني الإباحة و الاستحباب والكراهة لا تزاحم جهة الحرمة والوجوب، فالحكم لهما مع اجتماع جهتيهما مع إحدى الجهات الثلاث.
وهذه الوجوه لا ترجع إلي واحد، لأن مبنى تزاحم المقتضيات على اطلاق الأدلة وفعليتها وهو ينافي الوجهين الأولين، ومبنى انصراف الأدلة أو اهمالها غير مبنى كون الحكم حيثيا غير فعلي، فكأنه أجاب عن الاستدلال؟ بواحد منها أو بأن حال أدلة المستحبات لا تخلو من واحد منها.
(وفيه) أن دعوى إهمال جميع أدلتها في غاية البعد بل مخالفة للواقع ولظواهر الأدلة، كما أن دعوى الانصراف في الجميع كذلك، ولا يمكن اثباتها سيما بعد كون متعلق الأحكام في باب المطلقات نفس الطبايع من غير نظر إلى أفرادها فضلا عن مزاحماتها، فالحكم إن تعلق بطبيعة كالغناء أو الرثاء أو القراءة ولم يقيد الموضوع بقيد مع تمامية مقدمات الحكمة: يكون مطلقا أعني أن الطبيعة بلا قيد موضوعه، فلا تكون الأفراد بما هي موضوع الحكم فيها، ولا ينقدح في ذهن السامع أفراد نفس الطبيعة ولا أفراد طبيعة أخرى أو عنوانها حتى يقال: ينصرف الحكم أو الموضوع إلى أفراد خاص أو صنف خاص من الطبيعة فضلا عن الأفراد الغير المزاحمة لخصوص حكم آخر.