في كلام واحد لمخاطب واحد يدل على أن تعارض الأولين ليس إلا من حيث الدلالة فلا يرجع فيه إلى المرجحات السندية أو الخارجية (انتهى) ويريد بالأولين، رواية يعقوب بن شعيب (1) ومحمد بن مضارب. (2) وفيه أولا أن رفع اليد عن قواعد باب التعارض لا يجوز إلا بعد احراز كون رواية سماعة صادرة في مجلس واحد لمخاطب واحد، وهو غير مسلم، لاحتمال جمعهما في نقل واحد خصوصا مع اشعار نفس الرواية بذلك كما تقدم، وبعد صدور مثلها في كلام واحد، مضافا إلى أن الراوي سماعة الذي قيل في مضمراته، أنها جمع روايات مستقلات في نقل واحد، وقد سمى المروي عنه في صدرها وأضمر في البقية، فيظهر منه أن دأبه الجمع في النقل عن روايات مستقلة متفرقة.
وثانيا أن كون تعارض الأولين من حيث الدلالة: لا يوجب رفع اليد عن أدلة العلاج بل هو محقق موضوعها: نعم: لو كشف ذلك عن وجه الجمع بينهما، كان لما ذكر وجه، لكنه كما ترى، لأن الميزان في جمع الروايتين هو الجمع المقبول العقلائي، وهو أمر لا يكاد يخفى على العرف، وليس أمرا تعبديا " يبنى عليه تعبدا "، و مع عدم وجه الجمع بينهما عرفا يحرز موضوع أدلة التعارض. وعدم العمل بأدلة التعارض في رواية واحدة مشتملة على حكمين متنافيين، لا يوجب عدم العمل بها في الحديثين المختلفين المستقلين كما في المقام، مع أن عدم الرجوع إلى المرجحات في رواية مشتملة على حكمين متنافيين، غير مسلم، لامكان أن يقال بصدق قوله: يأتي عنكم الخبران المختلفان (3) وقوله: يروى عن أبي عبد الله عليه السلام شئ ويروى عنه خلاف ذلك فبأيها آخذ (4) (الخ) على مثلها، ودعوى الانصراف إلى النقلين المنفصلين ممنوعة جدا بل مناسبات الحكم والموضوع تقتضي عموم