فمن هي قريش التي نهت ابن العاص عن كتابة أحاديث الرسول؟ وما هي مصلحتها بهذا النهي؟ ومتى اجتمعت قريش دفعة واحدة؟ وسيتبين لك أن قريش تلك هم قادة التاريخ السياسي الإسلامي، وشيعة هؤلاء القادة الكرام!
الدليل الثاني: جاء في صحيح البخاري كتاب الدعوات - باب قول النبي: من آذيته، وجاء في صحيح مسلم - كتاب البر والصلة - باب من لعنه النبي... وكفى ببخاري ومسلم دليلا عند شيعة قادة التاريخ، وجاءت الرواية فيهما كما يلي وبالحرف:
أن رسول الله كان يغضب، فيلعن ويسب ويؤذي من لا يستحقها، ودعا الله أن يجعلها لمن بدرت منه زكاة وطهورا.
ومع عميق الاحترام، فإن هذه الأقوال لا تستقيم لا بمعيار العقل ولا بمعيار الشرع، ولا بالمعيار الواقعي لصاحب الخلق العظيم، وقد حاولنا أن نحلل ذلك فيما مضى، وما يعنينا الآن هو أن قادة التاريخ السياسي قسموا حديث رسول الله إلى قسمين: قسم صدر منه في حالة الرضا، وقسم صدر منه في حالة الغضب.
الدليل الثالث: وهو ما سماه ابن عباس بيوم الرزية، حيث روى البخاري وقائع هذا اليوم الأسود بست روايات في مجلد 7 صفحة 9 دار الفكر، ومسلم في مجلد 5 صفحة 75 المكتبة التجارية، ومجلد 11 صفحة 95 صحيح مسلم بشرح النووي، فضلا عن عشرات المراجع سنذكرها في حينها.
وملخص ما جرى في هذا اليوم الأسود أن رسول الله قال لمن حوله: قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا، فانقسم الحاضرون إلى قسمين: قادة التاريخ السياسي الذين قالوا: إن الرسول قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله، وأحيانا قالوا: إن الرسول قد هجر، ما له إنه يهجر؟ استفهموه إنه يهجر؟ حاشا له.
وأما القسم الآخر فقالوا: قربوا يكتب لكم رسول الله. وتمكن القسم الأول من أن يفرض وجهة نظره تماما، وحال هذا القسم بين الرسول وبين كتابة ما أراد. هذا القسم