بئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون. لا جرم لقد قلدتهم ربقتها، وسنت عليهم عارها، فجدعا وعقرا، وسحقا للقوم الظالمين. ويحهم أنى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الوحي الأمين، والطبين بأمر الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين. وما نقموا من أبي الحسن، نقموا والله منه نكير سيفه، وشدة وطئه، ونكال وقعته، وتنمره في ذات الله عز وجل.
والله لو تكافوا عن زمام نبذه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاعتلفه، ولسار بهم سيرا سجحا، لا يكلم خشاشه، ولا يتعتع راكبه، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا، تطفح ضفتاه، ولأصدرهم بطانا، قد تحير بهم الري، غير منحل منه بطائل إلا بغمر الماء، وردعة شررة الساغب، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض. وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون.
ألا هلم فاسمع وما عشت أراك الدهر العجب، وإن تعجب فقد أعجبك الحادث، إلى أي سناد استندوا، وبأي عروة تمسكوا، استبدلوا الذنابا والله بالقوادم، والعجز بالكاهل، فرغما لمعاطس قوم يحسبون أنهم يحسنون صنعا! ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون! أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون!!
أما لعمر إلهك لقد لقحت، فنظرة ريثما تنتج، ثم احتلبوا طلاع القصب دما عبيطا، وذعافا محقرا، هنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غب ما سن الأولون، ثم طيبوا عن أنفسكم نفسا، وطامنوا للفتنة جأشا وأبشروا بسيف صارم، وهرج شامل، واستبداد من الظالمين يدع فيأكم زهيدا، وزرعكم حصيدا، فيا حسرتي لكم، وأنى بكم وقد عميت عليكم! أنلزمكموها وأنتم لها كارهون!!! راجع شرح النهج لابن أبي الحديد مجلد 16 صفحة 234، وبلاغات النساء صفحة 19، والاحتجاج للطبرسي مجلد 1 صفحة 147 - 149