قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) إيها بني قيلة أأهضم تراث أبي، وأنتم بمرأى مني ومسمع ومبتدأ ومجمع، تلبسكم الدعوة، وتشملكم الخبرة، وأنتم ذووا العدد والعدة، والأداة والقوة، وعندكم السلاح والجلبة، توافيكم الدعوة فلا تجيبون، وتأتيكم الصرخة فلا تغيثون، وأنتم موصوفون بالكفاح، وأنتم معروفون بالخير والصلاح، والنخبة التي انتخبت، والخيرة التي اختيرت، قاتلتم العرب، وتحملتم الكد والتعب، وناطحتم الأمم، وكافحتم البهم، فلا نبرح أو تبرحون نأمركم فتأتمرون، حتى دارت بنا رحى الإسلام، ودر حلب الأيام، وخصصت نصرة الشرك، وسكنت فوارة الإفك، وخمدت نيران الكفر، وهدأت دعوة الهرج، واستوسق نظام الدين.
فأنى جسرتم بعد البيان، وأسررتم بعد الإعلان، ونكصتم بعد الإقدام، وأشركتم بعد الإيمان (ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم، وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة! أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين) ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض، وأبعدتم من هو أحق بالبسط والقبض، وخلوتم بالدعة، ونجوتم من الضيق بالسعة، فمججتم ما وعيتم، ودسعتم الذي تسوغتم (فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد)!
ألا وقد قلت ما قلت على معرفة مني بالخذلة التي خامرتكم، والغدرة التي استشعرتها قلوبكم، ولكنها فيضة النفس، ونفثة الغيظ، وخور القنا، وبثة الصدور، وتقدمة الحجة.
فدونكموها فاحتقبوها، دبرة الظهر، نقبة الخف، باقية العار، موسومة بغضب الله، وشنار الأبد، موصولة بنار الله الموقدة، التي تطلع على الأفئدة. فبعين الله ما تفعلون (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) وأنا ابنة نذير لكم بين يدي عذاب شديد (فاعملوا إنا عاملون وانتظروا إنا منتظرون!!!)