الخلافة إلا من كانت النبوة فيهم. راجع كلمة أبي بكر في سقيفة بني ساعدة، وكلمة عمر رضي الله عنهما، وكما أجمع على نقلهما بهذا الجوهر كافة المؤرخين. أنظر على سبيل المثال الإمامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري.
وقد واجه الإمام القوم وقال لهم: لقد احتججتم على الأنصار بالقرابة من رسول الله، وأنا أحتج عليكم بمثل ما احتججتم به على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيا وميتا.
وعندما انهارت وتداعت حجة القرابة كمسند للخلافة، احتجت بطون قريش بالشورى، فاحتج عليهم الإمام بقوله: فكيف بهذا والمشيرون غيب!! على حد تعبير الكميت بن زيد الأسدي الشاعر، إذ من الواضح أنه لم يستشر أحد من أهل البيت ولم يحضر هذه الشورى أي هاشمي، فما معنى الشورى التي لا يحضرها أعدال الكتاب، والمتفردون بمعرفة الصواب؟
وطوال حياة الإمام، وطوال حياة العترة الطاهرة، وهم يحتجون ويشكون، ويوضحون طبيعة الإمامة وأنها اختصاص من كل الوجوه، فليس بإمكان أي متغلب أن يكون إماما، فقد ركز الإمام على علم أهل البيت، والإعداد الإلهي لهم لقيادة الأمة، وعلى موقعهم في النظام السياسي الإسلامي، وأنهم حجر الأساس فيه، وركز على الظلم الذي لحق به وبأهل بيته وباتحاد على قريش على منازعته في حقه بالخلافة، وعلى الاستبداد على أهل البيت في هذا الأمر وهم (الأعلون نسبا، والأشدون برسول الله نوطا) حتى إذا آلت الخلافة إليه وبالطريقة التي سنتها أقطاب قريش، انتفضت عليه قريش، وأفسدت عليه أمره، وما زالت به حتى زعزعت أركان ملكه، وسلبته سلطان ابن أمه!
لذلك فإن شعور الإمام بالظلم كان فظيعا، واكتسبت شكواه صدى خاصا يقطع نياط القلوب! وقد سمع الإمام يوما صارخا ينادي أنا مظلوم فقال الإمام: هلم فلنصرخ معا، فإنني ما زلت مظلوما! مجلد 3 صفحة 351 من شرح النهج لابن أبي الحديد.
وكانت طبيعة احتجاجات الإمام سلمية، قائمة على الحجة الشرعية، ومنطق العقل.