رواية وكتابة أحاديث رسول الله اختلط من الناحية العملية ما أنزله الخالق، بما وضعه الحاكم وشيعته وطلاب الدنيا من حوله.
صحيح أن هنالك ضمانة إلهية بحفظ القرآن من التحريف والتبديل والتغيير، لكنه عطل عن أداء دوره الكامل في غياب البيان النبوي الموثوق لآياته وأحكامه.
التأويل والاجتهاد: السلطة التاريخية هي التي ابتدعت مصطلح التأويل بمعناه الواقعي، وهي التي ابتدعت الاجتهاد بمعناه الذي استقر نهائيا عليه، وأعوان السلطة هم الذين وضعوا قواعده وأحكامه، ثم ربطوه بالمنظومة الحقوقية الإلهية، أو على حد تعبيرهم ربطوه (بروح ومقاصد هذه المنظومة) فليس في الدنيا أمر من الأمور إلا وله حكم في الاجتهاد والتأويل، فإذا تبين أن الحاكم عمل عملا يخالف ويختلف مع عمل رسول الله نفسه قالوا: إن الحاكم مجتهد، والرسول الكريم نفسه مجتهد، ولا يلزم المجتهد باتباع رأي المجتهد الآخر. راجع شرح نهج البلاغة مجلد 4 صفحة 178 مطبعة مصطفى البابي بمصر سنة 1399 ه، وراجع شرح النهج مجلد 2 صفحة 153 ومجلد 2 صفحة 180، وراجع شرح التجريد للقوشجي صفحة 408، وقد بينا الحكم الشرعي في الاجتهاد، وأثبتنا نصوص بعض المقالات التي كتبناها ردا على وزير الأوقاف الأردني، فليرجع إليها من شاء في الباب الأول من هذا البحث.
وضع الأحاديث: ونتيجة الإحساس بالفراغ، قام بعض الصالحين من المسلمين بوضع أحاديث على رسول الله اختلقوها، وجعلوها حسبة لله بزعمهم! فإذا سألهم سائل كيف تكذبون على رسول الله؟ قالوا: نحن نكذب له لا عليه، كما روى ذلك مسلم، ونقله عنه محمود أبو ريه في كتابه الرائع أضواء على السنة المحمدية صفحة 138 ونقل عن ابن حجر قوله (وقد اغتر قوم من الجهلة، فوضعوا أحاديث الترغيب والترهيب، وقالوا: نحن لم نكذب على النبي، بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته) راجع صفحة 138 من المرجع السابق، ونقل أبو ريه قال: قال عبد الله النهاوندي قلت لغلام أحمد: من أين لك هذه الأحاديث التي تحدث بها في الرقائق؟ فقال: وضعناها لنرقق