الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ١٨٣
مجحف بحق بطون قريش، وبما أن العناية الإلهية ساقت رجالات قريش لحماية الإسلام والمسلمين، فإنهم أجروا تعديلات على ترتيبات النبي لتكون متفقة مع الحق والعدل ومصلحة البطون ومصلحة المسلمين.
ويعني إجراء تعديلات على ترتيبات النبي بالضرورة: إيجاد ترتيبات بديلة.
هذه الترتيبات الوضعية تحولت إلى قناعات ترسخت بفعل العادة، والغلبة، والتكرار، وأصبحت لها قوة القناعات الدينية، ولكن من نوع خاص.
وساعد على ذلك أن حزب أهل السنة هو الذي حكم طوال التاريخ السياسي الإسلامي، ففرض هذه القناعات في بادئ الأمر، ثم أخذ الناس يكررونها وينسجون على منوالها، ثم أصبحت عادة، ثم أصبحت دينا حقيقيا آمن به العامة، ونبذوا كلما يتعارض معه، وصبوا جام غضبهم وسخطهم وحقدهم على من يعارض هذه العادات، وتأولوا الدين بكافة أحكامه ليتفق مع هذه العادات التي تحولت إلى قناعات، وأعملوا خيالاتهم وأوهامهم حتى اختلط بالحق الباطل، وبالحقيقة الوهم، فظهرا معا، وتعذر ظهور الحق والحقيقة على غير هذه الشاكلة، وكان ذلك ثمرة تطور استمر 1200 عام حتى وصل إلى صورته الراهنة.
وإيضاحا للحق والحقيقة سنتناول هذه العادات التي تحولت إلى قناعات واحدا بعد الآخر، ونترك الحكم على هذه القناعات ومحاولات نقضها للذين يحترمون العقل البشري، لأن من يدقق النظر، ويترك التقليد الأعمى سيكتشف أن هذه العادات التي تحولت إلى قناعات هي وحدها التي فرقت كلمة المسلمين، وعطلت الدور التاريخي لدينهم، وحرمت البشرية من الانتفاع بهذا الدين الحنيف، أو إن شئت فقل: إنها هي التي جذرت الخلاف والاختلاف، وجعلتهما لازمتين من لوازم وجود هذه الأمة.
ويحمي هذا القناعات حزب ورث اسمه وقناعات بالوارثة، وسجن نفسه ضمن هذه القناعات، وهو غير متعجل على تبديلها أو تحويلها أو تعديلها، بالرغم من مرور 1400 عام على وجودها، ونقصد بهذا الحزب حزبنا نحن أهل السنة.
* *
(١٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 185 186 187 188 189 ... » »»
الفهرست