فالكتاب لا يغني عن النبي، والنبي لا يغني عن الكتاب، فكلاهما متمم للآخر، فطاعة النبي هي طاعة الله، ومعصية النبي هي معصية لله تعالى، ولله المثل الأعلى، فهما وجهان لعملة واحدة، فوضع قطعة العملة رسميا بين أيدي المتداولين، والاشتراط عليهم أن لا ينظروا إلا لوجهة واحدة من العملة أمر غير منطقي وغير معقول، تماما كما ترحب بضيفك وتدعوه ليدخل نصفه في بيتك ويبقى النصف الآخر خارج البيت، هذه الدعوة لا يقبلها عقل ولا يستسيغها منطق!
فعندما تتمسك بكتاب الله وحده، وتنبذ الرسول الذي بلغك هذا الكتاب، وتدعي أن الكتاب يغنيك عن الرسول وعن بيان الرسول، فأنت تماما كواضع قطعة العملة في التداول شريطة أن لا ينظر إلا لوجه واحد منها، وأنت تماما كمن يأذن لنصف الضيف بالدخول ويحرم ذلك على نصفه الآخر، وهذا تفريق بين الله ورسوله، وتفريق بين الرسول وبين معجزته، وبين القانون وبين واضعه وبين الجهة المخولة رسميا بتفسير هذا القانون وتطبيقه.
فمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو الذي قاد الدعوة 13 عاما وبعد أن تمخضت الدعوة عن دولة ترأس الدولة لمدة عشرة أعوام، ومن خلال الدعوة والدولة نقل الدين من الكلمة إلى الحركة، ومن النظرية إلى التطبيق.
وطالما أن الدين هو: 1 - كتاب منزل 2 - نبي مرسل، فبأي منطق نجعل الدين فقط كتابا منزلا، ونترك النبي المرسل الذي قاد الدعوة والدولة معا مدة 23 عاما؟
فلو أن أعرابيا جاء النبي وقال له: إنني أقبل كتاب الله، وألتزم بكل ما جاء في هذا الكتاب، ولكنني أكتفي به، ولا أرغب بأن آخذ منك أي شئ لأن القرآن وحده يكفيني! فمن الطبيعي أن النبي سيقول له مشفقا: يا أخا العرب يتعذر عليك أن تفهم القرآن ومقاصده الحقيقية دون بيان النبي لهذا القرآن ومقاصده.
فإذا أصر الأعرابي على ذلك، واكتفى بإيمانه المزعوم بالقرآن وحده، فإن النبي لن يقبل ذلك منه!! لأن القرآن، وبيان النبي لهذا القرآن متكاملان تماما، فالصلاة وهي