فقد ترك عثمان أبناء عمومته الهاشميين، وانحاز إلى جانب أبي بكر، فقد كان أول زعيم من زعماء المهاجرين يبايع أبا بكر بعد خروجه من السقيفة. راجع الإمامة والسياسة صفحة 11 وكان موضع ثقة عمر أيضا، فقد كان أبو بكر يقاسي سكرات الموت، فقال لعثمان:
أكتب إني قد وليت... فأغمي على أبي بكر قبل أن يكمل الجملة، فأكملها عثمان من عنده حيث كتب (عليكم عمر) وعمر غائب، فمعنى ذلك أن عثمان على علم مسبق بأن عمر هو الخليفة التي سيعهد له أبو بكر.
والحقيقة أنه بعد وفاة أبي عبيدة الذي حضر اجتماع سقيفة بني ساعدة، وقع اختيار أبي بكر وعمر على عثمان ليكون الخليفة الثالث بدلا من أبي عبيدة الذي انتقل إلى رحمة الله، ومن هنا كان عثمان يدعي في إمارة عمر بالرديف، والرديف بلسان العرب الرجل الذي يأتي بعد الرجل، والعرب تقول ذلك للرجل الذي يرجونه بعد زعيمهم.
ومن يدقق في وصية عمر يكتشف بأقل جهد ممكن أنه قد عهد له بالخلافة. راجع صفحة 364 مجلد 3 من الطبقات لابن سعد، وراجع تولية عثمان في الإمامة والسياسية لابن قتيبة. فعثمان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص في شقة واحدة بالضرورة، وعلي والزبير في جانب آخر بالضرورة، وطلحة غائب، وعمر صريح جدا فقد أوصى: إذا كانوا ثلاثة ثلاثة، فاختاروا الذي في صف عبد الرحمن بن عوف.
وهذا ما لم يحدث، لأن طلحة كان غائبا، فمحكوم حكما أن يكون ثلاثة ضد اثنين، ولنفترض جدلا أن طلحة كان موجودا، فشكل مع علي ومع الزبير ثلاثة، فإن عثمان سينجح قطعا.... راجع الإمامة والسياسية صفحة 27 وبالإيجاز فإن عثمان في حياة الشيخين أبي بكر وعمر كان كظلهما، وكان من شيعتهما، ومن هنا فإنهم من مدرسة واحدة، ويبدو واضحا أن عثمان (رضي الله عنه) كان مع الفريق الذي أيد عمر بمواجهة لرسول الله عندما قال (حسبنا كتاب الله) بدليل أنه حتى بعد أن آلت الرئاسة إليه قد بقي على نفس الخط المتعلق بهذه الناحية.