والثاني: * (فامسحوا) * وقد جاء بعده أمران: الرؤوس والأرجل.
أفيصح أن نقول بأن الأرجل ليست معطوفة على الرؤوس بل معطوفة على الأيدي مع أنه وقع بين المعطوف والمعطوف عليه جملة معترضة يغاير فعلها * (فامسحوا) * مع فعل الجملة الأولى * (اغسلوا) *.
والعجب أنك طرقت كل باب إلا باب القرآن فما رجعت إليه حتى تأخذ حكم الله من الآية المباركة.
وأما حديث عبد الله بن عمر فهو على خلاف الغسل أدل إذ جاء فيه قول ابن عمر " نتوضأ ونمسح على أرجلنا " أفيمكن أن يتوضأ ابن عمر ويمسح رجليه - وهو في أحضان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبمرأى ومسمع منه صلى الله عليه وآله وسلم - من جانب نفسه، وهذا يدل على أن عمل الصحابة كان على المسح.
وأما الجملة الأخيرة " ويل للأعقاب من النار " فليس فيها دلالة على وجوب الغسل عند الوضوء، بل الويل، لأجل أن الأعراب كانوا عراة حفاة بوالين على أعقابهم من دون مبالاة بإصابة البول لها، فكانوا يمسحون على الأرجل النجسة، فناداهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: " ويل للأعقاب من النار ". إذ كان عليهم أن يغسلوا أعقابهم أولا ثم يمسحوا عليها.
ولعمر الحق لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصدد بيان الحكم الشرعي وهو أن الواجب في الأرجل هو الغسل لا المسح كان عليه أن يعبر عن تلك الحقيقة بعبارة واضحة وينادي بقوله: أيها المسلمون اغسلوا أرجلكم ولا تمسحوا بها، من دون أن يتفوه بكلمة لا يفهم منها الغسل إلا بتفسير النووي وغيره.
كل ذلك يدل على أن الحديث على فرض صحته يعني أمرا آخر كما ذكرنا، وعلى تقدير دلالته على الغسل فما قيمة حديث يعارض الذكر الحكيم ولا يصح