وثمة حقيقة لا يمكن تجاهلها وهي أن شعوب بلاد القفقاس - التي هي جزء من الكيان الإسلامي - لن تبلغ مجدها التليد العتيد إلا بإحياء م آثرها السابقة، والرجوع إلى أصالتها الإسلامية، وتقوية أواصرها بالمسلمين عامة وبث الثقافة الدينية بين أوساط شبابها وأفلاذ كبدها.
وقد شعرت بذلك - بحمد الله - حكوماتها ودولها، وما إقامة هذا المؤتمر - الذي يهدف إلى البحث عن معطيات الحضارة الإسلامية في تلك البلاد - إلا أثرا من آثار ذلك الشعور.
هذه مقدمة موجزة قدمتها للحضار الكرام ولنبدأ بالمقال الذي كتبته تحت عنوان " الأخوة الإسلامية ودورها في بناء الحضارة ".
نص المقال:
الإسلام عقيدة وشريعة جاء لإسعاد الإنسان في أقطار الأرض ومعالجة مشاكله ومعضلاته دون أن يختص خطابه بطائفة دون طائفة أو بعنصر دون عنصر أو بقوم دون قوم، ولا تجد في عقيدته وشريعته أثرا من آثار القومية ولا ملمحا من ملامحها.
كما أنه بنى القيم الأخلاقية على أسس رصينة تستمد مقوماتها من الفضائل الروحية والكمالات النفسية، لا من عنصر خاص أو طائفة خاصة، حتى العربية التي هي لسان كتابه وشريعته لم يتخذها ملاكا للفخر والإعتزاز.
لقد تفشت ظاهرة القومية بين العرب في العصر الجاهلي وكأن رحى الفخر قد دار حولها وكأن جميع القيم والخصائل الإنسانية قد حصرت فيها، وفي تلك الأجواء المشحونة بالعنصرية والطائفية والقومية ظهر الإسلام شاطبا