فأعتقني الله عز ذكره بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، هذا نسبي وهذا حسبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا معشر قريش إن حسب الرجل دينه ومروءته خلقه، وأصله عقله، وقال الله عز وجل: * (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لسلمان: ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عز وجل، وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل.
إن الشريعة التي تحمل هموم الإنسانية وتحاول نجاتها عن مخالب الوثنية والمفاسد الأخلاقية لا محيص لها إلا أن تنظر إلى العالم من منظار واسع وتنظر إلى الإنسان مجردا عن كل لون وعنصر، فلذلك عاد الإسلام يخاطب جميع الناس بقوله: * (يا أيها الناس) * مكان " يا أيها العرب " أو " يا أيها العجم " ويؤسس " دار الإسلام " مكان " دار العروبة "، فصار هذا وذاك سببا في أن ترى جميع الشعوب في الإسلام دينا لها لا دينا لطائفة خاصة أعارته هذه.
وفي ضوء ذلك اتحدت الشعوب غير المتجانسة تحت راية الإسلام و نشروا ثقافة إسلامية إنسانية في جميع الأقطار، وصارت تلك الوحدة نواة للحضارة الإسلامية التي لم ير تاريخ البشر مثيلا لها.
فالحضارة الإسلامية هي حصيلة جهود الشعوب الإسلامية المختلفة، ولكل فيها سهم وافر.
الدعوة القومية ومضاعفاتها الدعوة القومية فكرة مستوردة من الغرب، والغرض من ورائها هو تشتيت صفوف المسلمين وتمزيق وحدتهم وجعلهم أمما متناحرة فيما بينها.
ومن تصفح التاريخ يجد أن لهذه الدعوة جذورا تمتد إلى زمن الأمويين، الذين شرعوا في الخطوات اللازمة لتوطيد القومية من خلال توزيع المناصب