الفصل الثاني:
الشيعة والعدل اتفق المسلمون على أنه سبحانه عادل لا يجور، غير أن الشيعة اعتمدت في حكمها هذا على البرهان العقلي كما سيوافيك بيانه، واعتمدت السنة في وصفه بالعدل على السمع، حيث يصفه القرآن الكريم بكونه قائما بالقسط، قال سبحانه:
* (شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط) * (1).
والاختلاف في مصدر عدله نابع عن الاختلاف في مسألة أخرى وهي مسألة التحسين والتقبيح العقليين أو الشرعيين، فذهبت الشيعة الإمامية إلى أن العقل قادر على أن يدرك حسن الأفعال وقبحها، ويستقل بالبعث إلى الفعل الحسن، والزجر عن الفعل القبيح، كالعدل والظلم فكل إنسان إذا جرد نفسه عن كل شئ يرى في صميم ذاته حسن الأول وقبح الثاني، ومثله مجازاة الإحسان بالإحسان أو بالسوء، والعمل بالميثاق ونقضه فيستقل بحسن الأوليين وقبح الأخيريين ولأجله قالوا بأن التحسين والتقبيح عقليان لا شرعيان.
ولو حكم الشارع بحسن شئ أو قبحه فقد حكم العقل به قبله، لأنه رسول باطني، وحكم الشرع مؤكد لحكم العقل وليس حكما تأسيسيا.
هذا هو موقف الشيعة في مسألة التحسين والتقبيح العقليين وعلى ذلك بنت أصولا كلامية لا تقبل النقاش، وإليك تلك الأصول: